عضوية الناتو انضمام ام انفصام.
مهندس باسل كويفي
من قديم الزمن وفكرة الخلود تراود الحكام والأدباء والمفكرين والفلاسفة والعلماء ، إنه ليس
بالطبع خلود الجسد فكل جسد يفنى ، ولكن خلود ما تركوه من أعمال وتراث يغني الحضارات
والثقافات.
من زاوية اخرى ، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، منتصف الشهر الحالي أن السو يد وفنلندا
تستوفيان «كل المعايير» للانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي»، وأعلن أنه سيدعو الكونغرس
إلى الموافقة «في أسرع وقت ممكن» على ترشحهما، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال بايدن؛ إلى جانب رئيسة وزراء السويد ماغدالينا آندرسون والرئيس الفنلندي ساولي
نينيستو؛ اللذين يزوران البيت الأبيض غداة تقديم الترشح الرسمي لانضمام بلديهما: «اليوم أنا
فخور بأن أؤكد لهما الدعم التام والكامل من قبل الولايات المتحدة الأميركية.»
وكرر أن الولايات المتحدة «ستعمل مع» البلدين الواقعين في شمال اوروبا «لمواجهة أي
عدوان» قد يتعرضان له خلال المرحلة الفاصلة بين الترشح والانضمام.
من جانبه، أكد الرئيس الفنلندي انه «مستعد للبحث» مع تركيا في كل المسائل التي تثير قلقها،
وذلك لاحتواء معارضة أنقرة انضمام فنلندا والسويد الى حلف الاطلسي. وقال: «بوصفنا حلفاء
داخل حلف شمال الاطلسي، سندافع عن أمن تر كيا»، مضيفا «ندين الارهاب بكل اشكاله،»
علما أن السلطات التركية تأخذ على البلدين رعاية «إرهابيين» من حزب العمال الكردستاني.
بدورها، اعلنت رئيسة وزراء السويد ماغدالينا اندرسون أن ثمة حوارا قائما مع تركيا بهدف حل هذه المسائل.
وتبدي واشنطن تفاؤلا بقدرتها على تجاوز المعارضة التركية ، وأضاف الرئيس الاميركي
«حين ينضم اعضاء جدد الى حلف شمال الاطلسي، فإن ذلك ليس تهديدا لأي بلد ، هدف الحلف
هو الدفاع عن نفسه في مواجهة الاعتداءات.»
في نفس الصدد انعكاساً للحرب في اوكرانيا رفعت المانيا في خطوة غير مسبوقة منذ انتهاء
الحرب العالمية الثانية ميزانيتها العسكرية الى 150 مليار يورو ، وكذلك اليابان وكوريا
الجنوبية في اشارة واضحة الى الانفصام من الحياد الايجابي عسكرياً الى الاستفزاز عبر تعزيز
قدرات الانضمام للنات و.
خلال مؤتمر صحفي له في اليابان هذا الاسبوع أدلى الرئيس جو بايدن بتصريحات لم تكن
مفاجئة للعالم كله فقط، بل كانت مفاجئة لمستشاريه، خاصة وان هذه التصريحات حملت تهديدًاً
مباشرًا للصين باستخدام القوة العسكرية ضدها إذا أقدمت على غزو تايوان، محذرا من أن
الصين “تلعب بالنار”، وفقًا لموقع “الحرة“
من زاوية اخرى ، أكّد وزيرا خارجية الصين واليونان خلال محادثات هاتفية قبل اسبوع بشأن
العلاقات الثنائية وقضية أوكرانيا ، موضحاً أن الصين تتفهم تماما شواغل الدول الأوروبية ،
ومنها اليونان ، وأن الصين تتطلع إلى وقف إطلاق النار في وقت مبكر واستعادة السلام.
وأضاف ” وانغ “إن أمن أوروبا مسألة ي جب على الأوروبيين معالجتها بأنفسهم ، وأن الصين
ستواصل تعزيز محادثات السلام ودعم الجهود التي تفضي إلى تسوية سياسية.
في المقابل حشد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حلفاءه في الفضاء السوفياتي السابق،
لمواجهة ما وصفها بعضهم بأنها «حرب هجينة وشاملة» يشنها الغرب ضد روسيا، وذلك
تزامناً مع قرار فنلندا والسويد عزمهما على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وإعراب
واشنطن عن «ثقتها» في تحقيق التوسع الأطلسي الجديد بالإجماع.
وبرزت خلال قمة جمعت قادة بلدان منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» في موسكو ، دعوات
لتشكيل «تحالف يواجه حلف الأطلسي» فيما يمكن أن يشكل نسخة محدثة لـ«حلف وارسو»
الذي حُلّ قبل انهيار الاتحاد السوفياتي.
وشددّ بوتين خلال اللقاء على أن منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» باتت تلعب دوراً مهماً
للغاية، ودورها يزداد في هذه المرحلة ، فيما أكد نظيره البيلاروسي لوكاشينكو أهمية « حشد
جهود بلدان المنظمة»، قائلاً إنه «لا ينبغي أن تواجه روسيا وحدها مساعي توسيع حلف شمال
الأطلسي». وتابع أنه دون حشد سريع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في جبهة موحدة سوف
تتضرر كل بلدانها.
من جانب آخر قال الرئيس بوتين ان العقوبات المفروضة على روسيا تثير أزمة اقتصادية
عالمية في العديد من المجالات ، وأشار إلى أن واضعي العقوبات مسترشدون بطموحات
سياسية قصيرة النظر ، وبالرهاب من روسيا ،وقد أضروا إلى حد كبير بمصالحهم الوطنية
واقتصاداتهم ورفاهية مواطنيهم وهو ما يتمثل في الارتفاع الحاد في معدلات التضخم في
أوروبا. ولفت بوتين أن أسعار السلع الأساسية في أنحاء منطقة اليورو ارتفعت بأكثر من 11 في
المائة. وأكد على أن مواصلة سياسة “هوس العقوبات” تجاه روسيا سيؤدي حتما إلى عواقب
صعبة ومعقدة ، وأن روسيا تتعامل بثبات مع التحديات الخارجية.
في الواقع العديد من البلدان تعتبر الولايات المتحدة الامريكية القوة العظمى الوحيدة ، وبالتالي
يمكننا تفسير المساعدات الضخمة تجاه أوكرانيا ، ولا مبالاتها بأطراف عديدة في العالم تحتاج
حقًا إلى المساعدة ) تسييس المساعدات ( وقد يكون لإثارة الفوضى في العالم هدف استراتيجي
) الغموض الاستراتيجي ( للتربع على عرش القوة الوحيدة في العالم مما يخلق المزيد من
الكوارث عبر المعلومات المضللة والاعلام المستهدف في العديد من المشاهد …ويحد من
تعزيز فرص الاستقرار والسلام ، بعيداً عن اجندة «الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي،
والإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ، وحقوق الإنسان والحريات العامة.»
وباعتقادي أن الواقع الذي يعيشه العالم يحتاج معالجة غير نمطية تقوم على معالجات جذرية
لإعادة الاقتصاد السياسي الى الطريق الصحيح .. وخلق توازن بين الممكن والواقع وبين
النظرية والتطبيق ، متجاوزاً الليبرالية الكلاسيكية والجديدة وعابر اً فوق ايديولوجية الاشتراكية ، ومبتعداً عن التقنين وشد الاحزمة والسوق الرأسمالي الاجتماعي … لتلبية متطلبات الانسان
وتحقيق رفاهيته ضمن منظومة اخلاقية ثقافية تبعده عن الهدر وتحقق أمنه الغذائي والصحي
وتدفع بجهود التنمية والتعافي المبكر دون تمييز ..
وبالتالي فإن إعادة التوازن بين سلسلة الإنتاج والاستهلاك وبين سلسلة الأجور والاسعار ، لا بد
لها أن تقوم على تسويات عالمية سياسية مرنة تحقق الاستقرار والسلام عبر التخطيط وسلامة
التنفيذ وكفاءة المنفذين في مختلف المراحل لتجاوز الاحباطات المتكررة.
هنا لا بد لنا من التطرق الى البعد الاقتصادي للعقد الاجتماعي والاطر القانونية الناظمة ، والتي اصبحت بحاجة ضرورية الى التحديث وفق مستجدات الواقع الناجم عن اندلاع الحرب في
اوكرانيا وانعكاساتها على الدول الاوروبية والعالم بشكل عام ، حيث توضح للعالم أجمع اهمية
البعد الاقتصادي في تعز يز واستدامة العقد الاجتماعي في بلدان العالم والتي قد تشهد اهتزازات
عميقة بعد الحرب بفعل التضخم وارتفاع اسعار النفط والغاز وتدني امداداته ) على الاخص
اوروبا وفصل الشتاء ( وتعرض الامن الغذائي للبشرية لمخاطر متعددة … اضافة الى التهديد
الامني والعسكري الذي من شأنه الحد من النمو والتنمية وخلق فرص العمل ويفتح آفاق السوق
السوداء في مجالات مختلفة ويزيد من التدخلات الخارجية بشؤون الدول بمعايير مختلفة.
على الصعيد الداخلي السوري ، أكد السيد الرئيس بشار الاسد خلال حضوره حوار موسع”
صندوق التعاضد الاجتماعي والتنمية ” منتصف الشهر الحالي في دمشق أن السبب الرئيسي
لحضوره هذا المؤتمر ، هو أهمية الحوار وفعاليته في إيجاد الحلول للمشاكل والعقبات لاسيما
وأن الحوار هو الأمر الوحيد الذي يجعل من العمل الفكري عملاً سهلاً وقابلاً للتطبيق ،
وأضاف سيادته أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل القاعدة الأساسية للاقتصاد.
في مصر ، وبقرار جريء ” جاءت دعوة الرئيس السيسي هذا الشهر لحوار وطني تحت عنوان
الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية.. بمثابة مبادرة تحرك مياه راكدة لسنوات في الحياة
السياسية المصرية.. لم يحدد الرئيس في دعوته لا أشخاص ولا أجندة معينة للحوار وأسند الأمر
إلى الأكاديمية الوطنية للتدريب..
هذا ما سيفتح أبواب كثيرة من التساؤلات حول جلسات الحوار شكلًا ومضمونًا. من حيث الشكل
؛ المكان، والزمان، ومن يدير الجلسات وما معيار اختياره ، والمتحدثين وتسلسلهم ، أما في المضمون فهو اختيار
الموضوعات التي ستطرح للنقاش ، و ما مفهوم هذا الحوار ، هل الحوار بين فريق واحد يواجه
تحديات أم الحوار بين مؤيدين ومعارضين ؟ وما تعريف المعارضة ، وإن تم الاتفاق على
التعريف من سيتم دعوته ؟
هل وفق اقتراحه أو دراساته في الشأن العام سواء اقتصادياً أم اجتماعياً ام سياسي اً ام ثقافياً وفق
المعطيات الحقيقية.. أم لتدخلات داخلية وخارجية..
في مصر كل مؤسسة لديها مشاكلها وكل فريق لديه طلبات.. فإذا وصل الحوار إلى هذا النقطة
وهي نقطة طرح المشكلات فمن الممكن أن يستمر هذا الحوار لسنوات )التعليم، والصحة،
والجهل، والفقر، والفكر المتطرف، والعدالة …(، وغيرها من آلاف المشاكل التي تواجه
المجتمع . وسيرتكز الحوار السياسي حول الحديث عن الديموقراطية وسيادة القانون وفصل
السلطات وحرية الرأي والإعلام والإفراج عن المعتقلين السياسيين ، والغاء ادراج الدخول
والخروج وضمان الاجتماعات السياسية، والانتخابات ونزاهتها على مختلف مستوياتها” ..
من رحم النزاعات ورحى الحروب وتأثير الحصار والعقوبات تبرز مبادرات ومشكلات في
جانبها الايجابي والسلبي ، تتطلب في معظمها جهوداً كبيرة للدول لتجاوز البيروقراطية وتلبية
الارادات بإدارات حازمة تساعد على استمرار دفق العلاقات وتطوير المنح والمساعدات
للتعافي المبكر والصمود .
اقتباس ) ا. زياد غصن (
“يبدو أنَّ الاطمئنان إلى التحالف بين الدول الثلاث ) سورية – روسيا – ايران ( على صعيد المواقف السياسية وحده لا يكفي، إذ إن عكس ذلك التحالف على الملفات الأخرى يبدو أمراً
ضرورياً. وهنا، ليست دمشق وحدها المستفيدة، فالمفاوضات الإيرانية حول البرنامج النووي أو
مفاوضاتها مع الوسط العربي الإقليمي تستند في جزء مهم إلى ورقة التحالف مع دمشق،
وروسيا المشغولة بحربها مع الغرب تحتفظ بحضورها في قاعدتي حميم وطرطوس كورقتي
قوة.
كل ذلك يجعل من الضروري طرح جملة من الأسئلة المرتبطة بمستقبل مسار العلاقات مع
دمشق، من قبيل: هل يمكن أن تترك الإجراءات البيروقراطية لتخرب علاقات عمرها عقود من
الزمن؟ وهل الأسباب السياسية الحاضرة اليوم أقوى من الأسباب التي جعلت دمشق ترفض
مقايضة علاقاتها مع إيران في فترة أصعب، وتتحمَّل ما تحملته من حرب مدمرة؟ وهل وجود
قوى سياسية متحفظة بطريقة أو بأخرى عن زخم العلاقات مع دمشق يعني أنَّ المتغيرات
السياسية التي تشهدها بعض دول المنطقة في تحالفاتها الخارجية قد يصل تأثيرها إلى حديقة
الحلفاء التاريخيين؟”
انتهى الاقتباس
الملفت للنظر دعوة اردوغان الرئيس التركي يوم الاثنين 23 مايو 2022 “سنبدأ قريبا باتخاذ
خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأناها لإنشاء مناطق آمنة على عمق 30
كيلومترا، على طول حدودنا الجنوبية )مع سوريا(“، وأضاف أنها ستكون على رأس أولويات
العمليات العسكرية ، في إشارة إلى المناطق التي يحتلها تنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” حسب
زعمه.
إن نوايا اردوغان في حد ذاتها خرق للقانون الدولي ومعاهدات حسن الجوار وقد تكون لعبة
المصالح الدولية واعادة التمركزات سبباً رئيسياً في خطة اردوغان التي قد تمنحه الضوء
الاخضر في تقاطع موقفه من توسيع الناتو وانضمام فنلندا والسويد من جهة ، ومن جهة اخرى
عدم تدخله المباشر في الحرب الاوكرانية ، ما يجعل من موقف تركيا رمانة الميزان في تحقيق
مصالحها التوسعية ) احتلال ( على حساب سيادة الدول وحرية الشعوب وانتهاكاً فاضحاً لميثاق
الامم المتحدة وجميع المعاهدات ذات الصلة ، يتطلب موقف وطني واضح بشجب ومقاومة هذا
المشروع وموقف اقليمي ودولي بوقف هذه الطموحات التي من شأنها تقويض الاستقرار
والامن والسلام العالمي.
لا بد لنا من اليقين بأن الحوار الداخلي والاقليمي والدولي في المجتمعات المحلية بمختلف
انتماءاتها ، والثقافات المختلفة اقليمياً ، والايديولوجيا والتكنولوجيا المتطورة وتنافسها دولياً ..
من شأنه تعزيز الاستقرار والأمن والسلام محلياً واقليمياً ودولياً اذا تم الحوار الحقيقي دون
شروط سوى تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة وسيادة القانون وعدم التمييز والحياد الايجابي
النهضوي..
وفي ابيات شعرية لفارس الكلمة ” مظفر النوّاب ” الذي رحل جسداً ولكن كلماته ستبقى نهج اً…
يا أيها الحزنُ
الذي لا ينتهي زِد
ما زلتُ في حديقة اللذ ةِ
أمشي حافيا ً
يمَلأني الإحساسُ بالتمردِ
لا تحتويني لذةّ
إلا احتويتُ أمها
فأنتجبَتها
من حليبِ اللوزِ
والسمسم والزُمرد
وختاماً نقول…
لا يمكنك العودة للخلف لتغيّير البدايـة
لكن يمكنك أن تبدأ من مكانك وتغيّر النهاية
فالتاريخ قصة يسطرها الأقوياء
والى لقاء آخر…
مهندس باسل كويفي
Discussion about this post