مهاجرة في غابة من ضوء المطر.
الشاعرة دنياس عليلة ….تونس
على كثب من الفرح المطمور
بالثرى
تحت الغيم الملبد بالردى
حيث ظل هابيل
المضرج بصراعات الغد
المسجى على خارطة الدماء
أصغي إلى أغنيات الغروب
تفترش المدى
يشقها نقيق غراب
طار
دون أن يخبرنا
كم من قابيل
يختبئ في مستنقعات
قتل الأبرياء..؟
من المحيط إلى الخليج
أقتفي رائحة البخور القريشي
حيث يلجم الوعي الأنثوي بالحصى
و تزف العذارى على أعناق الريح
قرابينا إلى آلهة الشرف الرفيع…
مازال قصر
هارون الرشيد
يغص بالجواري و الإماء…
مازال قيس بن عاصم التميمي
بإسم اللات
يضع سيفه
على أعناق البنات
يملي عليهن أحكام القدر …
في تلك المقبرة
جثة لإمرأة عربية
تحلم بالبكاء في القبر
منذ بليون عام
من خلق البشر
في تلك القبيلة تابوت صدئ
دفنت فيه روح أنثوية
منذ انبلاج الذرة الكونية الأولى من العدم
النساء وحدهن يمتن مرتين..
النساء وحدهن يقذف بأعمارهن
تحت الحجر
على عجل
النساء وحدهن يمتن
اختناقا برائحة الجهل…
مات العمر بالطين
إمتلأ العمر فراغا
صارت حواء …خواء
و لا تزال كهنة معبد الشهوات
تبحث عن ثدي ترضعه
و يملأ إناءهم…
يدخلون المعبد مساء
حيارى….سكارى
مخمورين بحب الأنا
جاثمين تحت أقدام
آلهتهم
ويخرجون منه صباحا دعاة
للموعظة و الهداية…
تغمرني لجة العدم
كلما مررت بنساء
يبذرن أنفاسهن على الأرض سدى
يسألني لحن غائر في الصدى
أي سر يخبأن في كف الوهم؟
لماذا تموت الأهازيج على شفافهن
لماذا تغدو اللحون
أوبيرا صامتة
أو أركسترا عازفة
بلا إيقاع و لا نغم ؟
لماذا يضيق باب الأبجدية
لماذا يختنق المجاز
إذا انحاز لتاء التأنيث قلم ؟
كم يصعقني سكوت العابرين خلف
الآلام
كم يلسعني صقيع الحناجر
العالقة خلف الكلام
يشتث أعماقي موت الضمائر
المتطايرة جذاذا من حطام…
متعب هذا السفر
على المساحات الخرساء
وأنا ثرثرة مشوهة
بعاهة البوح الأخرس
على الدوام…
ثقيل على الطين
هذا الصدى
الذي ينوح في أرجائه البوم
كما ينوح
في أرضي و تاريخ عروبتي المكلوم
ثقيل على الروح ميت الطين
وأنا حياة
يلبسها العنفوان…
تقيلة عليّ هذه الروح
التي تسكنها
مجرات الدجى
وأنا المثقلة بالأوجاع
الخفيفة من أشياء
تشكلها الظلام
ليتها تخلعني عواصم العتمة
ليتها تنكرني ذاكرة الأرض
أريد دما يعريني من طيني
أريد دما يفصلني عن جلدي
و يكشف عن رؤاي
لأني المهاجرة وحدي
في غابة من ضوء المطر
إلى برق العواصف
إلى أقاصي الأحلام
انادي روحي المتفرقة الى طين جديد
انادي اليّ…احث الخطى نحوي في كون بعيد
يمد في الأفق مرايا للشمس
و أطباقا من شهوات أنثاي
الشاعرة دنياس عليلة ….تونس
Discussion about this post