بقلم محمد أكسم:
قصة
الشيف شافعي
شافعي يقطن فى إحدى المناطق النائية,يعيش فى شقته فى الطابق الخامس والأخير,يعود من عمله صباحاً.
يوم إجازته يجلس فى شقته وفى حوالي الساعة الثانية صباحاً,سمع صوت رنة موبيل غريبة لم يسمعها من قبل, ليست نغمة موبيله, بحث فى الشقة عن هذا الموبيل المجهول من خلال إتباع صوت رنته,ولم يجده.
بعد أسبوع فى نفس يوم إجازة,وفى نفس التوقيت, سمع صوت الرنة مجدداً, وهذه المرة عثر على الموبيل تحت ترابيزة السفرة,نوعه غير محدد,ولا معروف ليس له ماركه, ويبدو عليه انه موديل قديم يشبه نوكيا 6150 أبو أريال, ولم يظهر رقم على شاشته وغير مسجل عليه أرقام,وإصرار المتصل على إجراء هذه المكالمة.
فوضع صابعه الإبهام المرتعش على مفتاح الرد,ثم وضعة على آذنه ويده مازالت ترتعش والرعب يملئ قلبه, وإذا بصوت امرأة تتحدث بصوت مرتفع وبلغه غريبة ,وليست مفهومة وأغلقت السكة فى وجه.
حاول أن يتصل بها ولكنه لم يستطع بسبب عدم وجود رقم,جلس يفكر و يتسأل ماهذا الموبيل الغريب؟!. ومن الذي وضعه هنا فى شقته؟!, الذي هو ساكنها الوحيد ويعيش فيها بمفرده.
فى يوم التالي وصل عمله متأخراً,اخبره المدير أن امراة تريد هاتفها الشخصي الذي فى حوزته,استغرب جدا,وانتابه حاله من الغرابة, ووقف صامتاً يحاول أن يجمع أعصابه ويفهم هذا الوضع الغريب, فطلب من مديره أن يفرغ كاميرات المطعم بالكامل حتى يتعرف على أوصافها.
لكن حدث عطل أثناء وجودها ولم تسجل الكاميرا اى شئ,وهذا ما جعله يزداد حيرة .
وفى مساء اليوم كان يسير فى إحدى الشوارع الموازية للمقابر حوالي الساعة الثامنة مساءاً,وكان ذاهباً لزيارة الشيف عرفة زميلة المريض المنقطع عن العمل عشرة أيام.
وعند وصوله لمنزل المريض وأثناء دخوله للفناء فجئ بسيدة تخطت الستين من عمرها من سكان الدور الأرضي تقف عند أول السلم,تفتعل معه مشاجرة,يعلو صوتها والسبب هو فقدان هاتفها, وانه متحفظ عليه,تجاوز الأمر وتركها وصعد للدور الثالث .
دلف شقة زميله المريض واخبره عن هذه السيدة المجنونة التي تسكن فى الدور الأرضي,والتي أغضبته.
لكن المريض اخبره أن الدور الأرضي غير ساكن وان هذه الشقة مغلقة من أكثر من عشرون عاما ولم يعرف لها أصحاب.
أصيب شافعي هذه مرة بالرعب وازداد حيرة وارتباك, ماالذى يحدث له؟ موبيل غريب فى شقته, متصلة تتحدث لغة غريبة, امرأة تذهب إليه فى مكان عمله, وألان امراة تتشاجر معه فى مكان لايسكنه احد.
أثناء عودته إلى منزله استقل المينى باص, فوجد امرأة بشرتها تميل للسمراء, منقوش بالحنة على يدها رسومات غريبة, تتميز بعينان واسعتان,مظهرها مختلف,عن باقي الركاب, تجلس على كرسي بجواره, تنظر إليه كل وقت وحين نظرات تنم على إنها تشبه عليه,وإنها تريد الحديث معه, حتى وصل إلى المحطة ونزل متوجهاً إلى منزله وهى تسير وراءه .
شعر بالرعب الشديد واخذ يحدث نفسه ويتساءل هل هي إنسية أم عفريته مثل السيدة المجنونة ساكنه الدور الأرضي.
وقف أمام منزله والتفت وقال لها بصوت مرتفع يصحبه نبره خوف:
– من انتى وماذا تريدي منى ؟
كان ردها:
– أريد هاتفي الذي استحوذت عليه, ماذا تريد أنت منه؟
قال:
– وما الذي وضعه فى شقتي؟
أجابت :
– نحن السكان السابقين لشقتك.
هو:
-هذا السكن جديد ولم يسكن احد قبلي.
ثم تركها وصعد مسرعاً إلى شقته وفتح الدولاب وكانت المفاجأة اختفاء الموبيل,وقتها شعر شافعي بالهلع والذعر وإصابته حاله هستيريا.
سمع صوت طرقات خافته على باب الشقة وضع فى باله أن الذي يطرق على الباب له صله بالموبيل الملعون خصوصاً إن العمارة لم يسكن فيها إلا شقتين فقط شقته والأخرى فى الطابق الأول,غير معتاد أن يطرق علي بابه احد, ذهب إلى الباب ونظر من العين السحرية لم يجد شئ على الباب رغم استمرار الطرق.
ابتعد عن الباب وجلس على الكرسي وجسمه يرتعش وقلبه يزداد فى الخفقان وحبات العرق تتكاثر على وجهه وبعد دقائق بدأ يهدأ حتى استغرق فى النوم على كرسيه.
استيقظ باكراً على طرقات جديدة, ولكنها كانت قوية, فتح الباب رأى طفل فى سن التاسعة يرتدى جلباب دمور قصيرة ومخططة بالطول وطاقية من نفس نوع القماش, اخبره أنه صبى المكوجى, الطفل سليط اللسان,وغير مهذب, استغرب جداً من هيئته وأسلوبه, وشعر انه فى زمن الثلاثينات,رفض إعطائه ملابسه للكي,وجه إليه الصبي السباب وبصقه فى وجهه ومضى مسرعاً.
وبعد شهر كان يسير فى شارع طويل, يدخن سيجارة ويحدث نفسه ,ينظر إليه المارة على انه شخص غير طبيعي شعره طويل وغير مصفف وغير نظيف, وذقنه طويلة وغير مزينه, فقد عدة كيلوات من وزنه, يرتدى قميص ابيض وبنطلون اسود وشبشب بلاستيك,وأثناء عبوره الطريق المقابل لمحة سهام تسير بجانب اثنان من أقرانها فهم تأذوا وشعروا بخوف من مظهره حين اقترب منهم.
لكن سهام تعرفت عليه من خلال حركته المميزة فى السير, انه شافعي زميل المدرسة الثانوية الفندقية منذ عشرة أعوام,والأخير كان يسير فى ملكوته ولم يأخذ باله منها ولم يتعرف عليها.
أخبرت صديقتها مريم وابنه خالتها نهى أن هذا الشخص المجذوب , أشيك طالب فى المدرسة وقع الكثير من البنات فى غرامة, يقدمون له الهدايا المادية والعينية حتى فى غير المناسبات, ومع ذلك أعطى اغلبهم وعود بالزواج كاذبة وفى يوم بنت حولت الانتحار بعد ما عرفت انه كاذب ومراوغ, وفشلت المحاولة ونجت.
وفى يوم تعرف على بنت والدها جزار, وكانت متعلقة بيه جداً وحبته,وبعد أن استغلها اخبرها بأنه غير مناسب لها,تدخلت والدتها وعرضت عليه المساعدة,وأنها هتتكفل بكل شئ من مقومات الزواج مقابل إسعاد وفرحة أبنتها الوحيدة وهو ما عليه أن يأتي فقط لخطوبتها, ولكنه رفض وتهرب.
تعهدت الأم وتوعدت له بالانتقام الشديد بمثل ما فعل بكسر قلب ابنتها وسبب لها الآلام.
أذان مريم ونهى صاغية لحديث سهام بإنصات وتركيز أثناء سيرهم فى الطريق ولكن الدموع تنهمر من عيون مريم لانها تذكرت قصتها مع الشخص المخادع الذي أحبته ولعب بمشاعرها واستغل طيبتها وسخاء وكرم أسرتها,ثم تركها ومضى وظلت تسير وتبكى فى صمت ولم يشعر بها احد, حتى وصلوا إلى نهاية الطريق وافترقوا لتذهب كل واحده لمنزلها.
Discussion about this post