المرأة والمجتمع الذكوري
ناديا سليمان يوسف
منذ الصباح الباكر أو لنقل من أول الأمس والفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي عامةً يضجّون كالعادة بالمباركات والكلمات الطنانة عن المرأة والاحتفال بها كما يفعلون في أية مناسبة أخرى
يرفعون الشعارات و يقولون المرأة التي تهز السرير بيمناها تهز العالم بيسراها، لا للعنف ضد المرأة ، المرأة أخت الرجال و رفقاً بالقوارير وعيد الأم واليوم العالمي للمرأة ووووووو ……. شعارات وكلام ومؤتمرات وكلنا نطبل ونزمر ونهلل أصبحت المرأة قاضية ووزيرة ورئيس مجلس وزراء أو رئيس أو نائب رئيس أو قبطان و مديرة وضابط وووو وبلحظة ما يتراءى لنا الرجل الحجري يجر زوجته من شعرها .. كلمات تأتي على سبل المزاح بين الْاصدقاء
ولو عدنا قليلاً بالذاكرة وقراءة سريعة في التاريخ لوجدنا أن النساء أكثر المخلوقات عرضة للإهانات والاعتداء
أولاً ..كانت القربان (خاصة العذارى) الذي يقدم للآلهة للأضحية بها
ثانياً … ثم كانت السبية والجارية التي تقدم للملك أو السلطان أو الأمير أو حتى الكهنة ولا يمكن نسيان ما كان يسمى بحق السيد تقدم في ليلة زفافها للإقطاعي أو المالك مهما كانت تسميته وفِي أي بلد حيث تم التعبير عنها بحق السيد في فض غشاء البكارة قبل الرجل الذي سيتزوجها والشيء بالشيء يذكر لا يمكن نسيان سوق النخاسة في كل البلدان والذي مازال مستمراً حتى الآن ولكن بصور مختلفة وأسماء منمّقة أكثر
نأتي إلى الشق الثاني وهو الطامة الكبرى في كل مكان من بقاع الأرض وعلى مر الزمان والعصور كانت الأنثى أول ما يتم انتهاك جسدها قبل انتهاك الأرض حيث يتم اغتصابها من قبل أي جيش غازي لبلدها ويكون الأمر أكثر صعوبة وإذلالاّ عندما يراد إهانة والدها أو شقيقها فيتم اغتصابها أمامهم ومازال الوضع حتى الآن حيث هناك الآلاف من الأمهات العازبات اللواتي كُنّ ضحايا الاٍرهاب والمعارك والحروب هذا ناهيك عن الاغتصاب الجماعي للنساء من قبل عدة رجال حتى في المجتمعات المتقدمة والتي كانت تنادي بالحقوق والحريات .. كانت المرأة العاملة مظلومة من حيث الأجور مقارنة بالرجل فكان ما تتقاضاه من مال قليل جداً بالنسبة لساعات العمل الطويلة ..
ويقولون عيد الأم ويوم المرأة العالمي وووو لو عدنا بالذاكرة لمناسبة هذا الْيَوْمَ لعرفنا أنه نتيجة حادثة مأساوية أيضاً حدثت للنساء وهي باختصار ترتبط بحوادث وإضرابات حدثت في نيويورك لرفع الأجور ومساواة المرأة بالرجل و منهم من ربطها بحرق العاملات في مصنع النسيج من قبل مالك المصنع وتتالت الأحداث والإضرابات والمؤتمرات حتى تحديد هذا الْيَوْمَ للنساء وانتقلت مظاهر استعباد النساء بطرق وأساليب مختلفة في الوقت الحالي من ظلم أسرتها أولاً ومن ثم المجتمع ليتوج بالقوانين التي لا تنصف المرأة وخاصة في المجتمعات الشرقية أو ما يطلق عليها النامية أو العالم الثالث ولا يمكن نسيان كم من النساء في الهند وغيرها كن ضحايا المهر ولا يمكن إغفال عبارات مجتمعنا الشرقي “ربي أختك أو اشختها على البلوعة ” هذا ناهيك عن طرد الأولاد لأمهاتهم
جاءت القوانين السماوية والوضعية على اختلافها لتتحدث عن المساواة بين الرجل والمرأة ولكن على أرض الواقع مغاير تماماً فمازلنا نعيش في ظل المجتمع الذكوري الذي يجعل كل شيء من حقه و يمنعه على غيره ومازال يتم تزويج الأنثى دون موافقتها و الرجل يتحكم بمصيرها و بما أن الذهنية المنغلقة هي التي تتحكم بِنَا و بحياتنا فلا يمكن إحراز نقدم في بعض القضايا المجتمعية عامةً والمرأة خاصةً وكم من النساء البريئات كن ضحايا ما يسمى بجرائم الشرف وكم من الرجال لم يحاكموا بسبب هذه المواد هذا ناهيك عن الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تتوه فيها القضايا في سراديب المحاكم وكم من النساء يخنعن لإرادة الزوج بالتخلي عن كافة حقوقهن من أجل الحصول على حريتهن أنا هنا لا أتهم الرجال فقط وإنما النساء أنفسهن يشاركن في هذا الظلم من خلال الاستسلام والرضى بالأمر الواقع بالاضافة من الغيرة القاتلة من المرأة لبنات جنسها حتى تكاد أشد صرامة من ظلم الرجل نفسه و التاريخ مليء بقصص عن قتل النساء للنساء وخاصة الطبقات الحاكمة أو كما يقال عنها سادة القوم
وكثير من قصص تعذيب السيدة لخادمتها
ولابد من الإشارة للأمر من البدايات أول عبارة نسمعها إذا حملت الزوجة يارب يكون ذكر حتى يحيي ذكركم ومن أجل استمرار العائلة ثم عندما تكبر البنت أول ما تتعلمه الفتاة عمل المنزل ومن ثم تستمر المعزوفة هذا يليق بك وهذا لايجوز عيب و خطيئة وأنت مثل القماش الأبيض يتسخ من أي شي ويجب أن تحافظي على نفسك وكلام الناس لا يرحم ومن ثم يتنمر عليها شقيقها الكبير أو حتى الصغير و لا أريد الحديث عما تتعرض له في المدرسة و الجامعة والعمل والمضايقات اليومية من المحيط الخارجي أو إذا تزوجت أو بقيت دون زواج
وهنا لابد أن أتحدث عن حياة المرأة الأرملة أو المطلقة لأن كلاهما في نفس الخانة ظلم من أهل زوجها وأهلها والنَّاس
ويكون الأمر أكثر صعوبة إذا كانت مطلقة إن ضحكت أو تحدثت أو خرجت أو صادقت أو ….. أصبحت مشاع لكل خلق الله أولاً من الأنثى نفسها قبل الرجل حيث تصبح حديث الساعة في كل المجالس فإذا كانت أرملة يقولون إنها مُذنبة كون زوجها توفاه الله واذا كانت مطلقة يتحدثون عن شرفها وأول الكلام لو أنها جيدة لم يتركها زوجها وبالعامية ” لو ماشاف عليها شي ما طلقها ” وكأن الرجل منزه عن الخطأ هذا ناهيك عن نظرة الرجل لها أصبحت لقمة سائغة بنظره بين قوسين ” نُصاحبها ونتسلى عليها “
نقول أن المرأة مازالت تعاني حتى هذا الوقت من العنف الأُسَري والمجتمعي وفِي كل البلاد لعل الأمر يختلف بين مكان وآخر وطبقة وأخرى وكلما زادت الحروب والأزمات كلما زادت معاناة المرأة أكثر
يقولون إن الجهل والفقر والبطالة والموروثات المجتمعية العفنة وعقدة التفوق لدى الرجل يخيل له أن من حقه السيطرة على المرأة سواء في البيت أو العمل أو المجتمع و استخدام العنف الجسدي والنفسي والذي يكون أشد وقعاً عليها
ومن ثم نسمع بالمؤتمرات والمحاضرات والخطابات والمسيرات لمناهضة العنف ضد المرأة لعدة أيام ثم تصبح طَي النسيان كما درجت العادة لكل قضية
Discussion about this post