أيُ مسك الختام في صحب سيّد الأنام ﷺ رضى الله عنهم
متن الكتاب
الفصل الأول
أبو بكر الصّديق رضى الله تعالى عنه
ما طلعت الشّمس ولا غربت بعد النّبيين والمرسلين على أحد أفضل من أبي بكر .
صاحب الخلال السّامية ، والهمم العالية ، الرجل المهيب ، صاحب الطّراز الفريد والعقل الرّشيد والرّأي السّديد ، الّذي يقف على قمة هرم الصّدق ، والّذي زكاه ربّه وشرفه بأنّه ثاني اثنين إذ هما في الغار، والرّفيق في الرّوضة المتلألئة بالأنوار ، اسمه عتيق وكنيته أبو بكر ، ولقبه الصّديق .
نسبه : هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، يلتقي نسبه مع رسول الله ﷺ في الجد السّادس مرّة بن كعب إلّا أنّ أبا بكر تيميّ ينتسب إلى تيّم بن مرّة ، وقد كان اسم أبي بكر في الجاهلية عبد الكعبة ، فسمّاه رسول الله ﷺ عبد الله
أمّه : أم الخير واسمها سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش
كان الصّديق – رضي الله عنه- أقرب النّاس لرسول الله ﷺ ، عن عمرو بن العاص أنّ رسول الله ﷺ قال: « أحبّ النّساء إليّ عائشة ومن الرّجال أبوها » الشّيخان
ولذلك كان أول الّذين دعاهم رسول الله ﷺ إلى الإسلام ، وأخبره بما أكرمه الله به من النّبوة والرّسالة ، فكان إسلام أبي بكرٍ ـ رضي الله عنه وليد رحلةٍ إيمانيَّةٍ طويلةٍ في البحث عن الدِّين الحقِّ ؛ الّذي ينسجم مع الفطرة السّليمة ، ويلبي رغباتها ، ويتفق مع العقول الرّاجحة ، والبصائرالنَّافذة ، لقد عايش أبو بكر النّبي ﷺ فترة ما قبل البعثة ببصيرةٍ نافذة ، وعقلٍ نيِّرٍ، وفكرٍ متألِّقٍ ، وذهنٍ وقّادٍ ، وذكاءٍ حادٍّ ، وتأمُّلٍ رزينٍ ملأ عليه أقطار نفسه ، كَانَ مصَاحِبَا لرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ الْبَعْثَةِ ، وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَحُسْنِ سَجِيَّتِهِ وَكَرْمِ أَخْلَاقِهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى الْخَلْقِ، فَكَيْفَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ؟ قال له النبي ﷺ : « إنّي رسول الله ونبيه ، بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك إلى الله بالحقِّ ، فوالله إنّه للحقُّ ، أدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له ، ولا تعبد غيره ، والموالاة على طاعته ».(ابن كثير) .
:فما كان من أبي بكر – رضي الله عنه – إلّا أن صدّق بدعوة الإسلام ، واتّبع النبي ﷺ من دون تردّد ؛ لأنّه كان يعلم جيداً صدقه وأمانته ، فكان أوّل من أسلم من الرّجال .
قال النّبي ﷺ ( لو كنت متّخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً ) وقال ﷺ ( مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ منه كَبْوَةٌ وَتَرَدُّدٌ وَنَظَرٌ، إِلَّا أبا بكر ما تردّد فيه) . كما ورد أنه ﷺ قال : « إنّ الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ » . وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال رسول الله ﷺ : « ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر ». وعنه أيضا قال ﷺ : ( من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة : يا عبد الله! هذا خير، فإن كان من أهل الصّلاة يُدعى من باب الصّلاة ، وإن كان من أهل الجهاد يُدعى من باب الجهاد ، وإن كان من أهل الصّدقة يُدعى من باب الصّدقة ، وإن كان من أهل الصّيام يُدعى من باب الصّيام أو باب الرّيان ، فقال أبو بكر: يا رسول الله! وهل هناك أحد يدعى من هذه الأبواب كلها ؟ فقال النّبي ﷺ: ( نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر ) ومن حديث ابن عباس رضى الله عنه قال له النبي ﷺ أجل وأنت هو يا أبا بكر).
وعن ابن عمر قال: خرج إلينا رسول الله ﷺ ذات يوم فقال: « رأيت آنفا، كأني أعطيت المقاليد والموازين . فأما المقاليد فهي المفاتيح ، فوضعت في كفّة ، ووضعت أمتي في كفّة ، فرجحت بهم ، ثم جيء بأبي بكر فرجح بهم ، ثم جيء بعمر فرجح بهم ، ثم جيء بعثمان فرجح ، ثم رفعت ». فقال له رجل : فأين نحن؟ قال: « أنتم حيث جعلتم أنفسكم ».
قال الله تعالى ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُواْ الألْبَابِ ). [سورة الزمر:9].نزلت في الصّديق وعثمان وعمار .
الإسراء والمعراج
عادَ رسول الله ﷺ من رحلة الإسراء والمعراج إلى مكّة المكرمة ، وقد زال عنه كلُّ همٍّ ونصب رغم الرّحلة الطّويلة الّتي قام بها ، وأخبرأهله بما حدث معه في هذه المعجزة الإلهية ، فاشتدّ تكذيب المشركين له ، وارتدّ بعض ممن أسلموا ولم يكن الإيمان قد ترسّخ في قلوبهم ، فذهبوا إلى الصّديق – رضي الله عنه- ليخبروه بما يقول صاحبه ﷺ ، وجاء هذا في الحديث الّذي روته السّيدة عائشة – رضي الله عنها- قالت : “لما أُسرِيَ بالنبيِّ إلى المسجدِ الأقْصى ، أصبح يتحدَّثُ النّاسُ بذلك ، فارتدَّ ناسٌ ممن كانوا آمنوا به ، و صدَّقوه ، و سَعَوْا إلى أبى بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبِك يزعم أنه أُسرِيَ به الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدَقَ ، قالوا : أو تُصَدِّقُه أنه ذهب اللّيلةَ إلى بيتِ المقدسِ وجاء قبل أن يُصبِحَ؟ قال: نعم ، إنِّي لَأُصَدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك ، أصدقه بخبر السّماء في غدوة أو روحة ، ولهذا سُمِّي أبو بكر بالصّديق ، قال تعالى : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) الزّمر 33)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ – رضى الله تعالى عنهما- صَحِبَ أَبِو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- رضى الله تعالى عنه – رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَسُولُ اللَّهِ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُمْ يُرِيدُونَ الشَّامَ فِي التِّجَارَةِ ، فَنَزَلُوا مَنْزِلًا فِيهِ سِدْرَةٌ فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ظِلِّهَا وَمَضَى أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَاهِبٍ هُنَاكَ يَسْأَلُهُ عَنِ الدِّينِ ، فَقَالَ لَهُ : مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي فِي ظِلِّ السِّدْرَةِ ؟ فَقَالَ: ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، قَالَ : هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ ، وَمَا اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا أَحَدٌ بَعْدَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ إِلَّا مُحَمَّدٌ نَبِيُّ اللَّهِ ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِ أَبِي بَكْرٍ الْيَقِينُ وَالتَّصْدِيقُ ، فَكَانَ لَا يُفَارِقُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي أَسْفَارِهِ وَحُضُورِهِ ، فَلَمَّا نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ وَصَدَّقَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فلما بلغ الصّديق أربعين سنة قال الله تعالى 🙁 حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين ) الأحقاف 15
الهجرة المباركة
أذن الله عز وجل لنبيه بالهجرة إلى المدينة ، وأمر النّبي ﷺ أصحابه أن يهاجروا ، وجعل أبو بكر يستأذنه في الهجرة والنّبي يقول له : « لا تعجل لعلّ الله يجعل لك صاحبًا » حتى نزل جبريل عليه السلام على النّبي ﷺ وأخبره أن قريشًا قد خططت لقتله ، وأمره ألا يبيت ليلته بمكّة وأن يخرج مهاجرًا ، فخرج النّبي ﷺ وفتيان قريش وفرسانها محيطون ببيته يحملون سيوفهم ينتظرون خروجه ليقتلوه ، ولكن الله أخذ أبصارهم فلم يروه ، وتناول النّبي ﷺ حفنة من التّراب فنثرها على رءوسهم ، وذهب إلى بيت أبي بكر الصّديق وكان نائمًا فأيقظه ، وأخبره أن الله قد أذن له في الهجرة. تقول أمّنا عائشة : “لقد رأيت أبا بكر عندها يبكي من الفرح”، ثم خرجا فاختفيا في غار ثور، واجتهد المشركون في طلبهما حتى شارفوا الغار، فقال أبو بكر: “لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا”، فقال له النّبي ﷺ: « ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!» وأقاما في الغار ثلاثة أيام ثم انطلقا ، وكان أبو بكر أعرف بالطّريق ، وكان النّاس يسألون أبا بكر عن رفيقه فيقول : “إنّه هاد يهديني الطّريق”، وفي الطّريق أدركهما سراقة بن مالك ، يطمع في المائة ناقة الّتي رصدتها قريش لمن يأتيها بمحمد ، ولما اقترب سراقة رآه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا الطّلب قد لحقنا ، ودنا سراقة حتى ما كان بينه وبينهما إلا مقدار رمح أو رمحين فكرّر أبو بكر مقولته على النّبي ﷺ وبكى ، فقال له النّبي ﷺ : « لِمَ تبْكِ ؟» قال أبو بكر: “أمّا واللهِ ما على نفسِي أبكي ولكنْ أبكِي عليكَ” فدعا النّبي ﷺ وقال : ” اللهُمَّ اكفِنَاهُ بما شئتَ ” قال الله تعالى : (إلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم ) التوبة .
وفي طريق الهجرة ( ابن القيم في زاد الميعاد ، والبيهقي في الدلائل ): ” أن أبا بكر ليلة انطلق مع رسول الله ـ ﷺ ـ إلى الغار، كان يمشي بين يديه ساعة ، ومن خلفه ساعة ، فسأله ، فقال : أذكر الطّلب ( ما يأتي من الخلف ) فأمشي خلفك ، وأذكر الرّصد (المترصد في الطّريق) فأمشي أمامك ، فقال ـ ﷺ ـ: ( لو كان شيء أحْبَبْتَ أن تُقتل دوني؟ )، قال : أي والّذي بعثك بالحق ، فلما انتهيا إلى الغار قال : مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فاستبرأه .
وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال : ( ابتاع أبو بكر من عازب رحلا فحملته معه ، قال : فسأله عن مسير رسول الله ﷺ قال أخذ علينا بالرّصد فخرجنا ليلا فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظّهيرة ثمّ رفعت لنا صخرة فأتيناها ولها شيء من ظلّ ، قال : ففرشت لرسول الله ﷺ فروة معي ثم اضطجع عليها النّبي ﷺ ، فانطلقت أنفض ما حوله ، فإذا أنا براع قد أقبل في غنيمة يريد من الصّخرة مثل الّذي أردنا ، فسألته : لمن أنت يا غلام؟ ، فقال : لفلان ، فقلت له : هل في غنمك من لبن؟، قال : نعم ، قلت : له : هل أنت حالب؟، قال : نعم ، فأخذ شاة من غنمه ، فقلت له : انفض الضّرع ، قال : فحلب كثبة من لبن ومعي إداوة من ماء عليها خرقة قد روأتها لرسول الله ﷺ ، فصببت على اللّبن حتّى برد أسفله ، ثم أتيت به النّبي ﷺ ، فقلت : اشرب يا رسول الله ، فشرب حتّى رضيت ، ثم ارتحلنا والطّلب في إثرنا ) رواه البخاري . الَّذِي شرب هو النّبي ﷺ و الَّذِي شبع وارتوى هو الصّديق رضي الله عنه …. اللَّهِ اكبر
الإنفاق في سبيل الله
[ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى]. (الليل ).
روى الإمام الطبري – رحمه الله – أن هذه الآية نزلت في الصّديق رضي الله عنه ، ونقل قول عامر بن عبد الله بن الزبير عن هذه الآية: أن سيدنا أبو بكر كان يعتق على الإسلام بمكّة عجائز ونساء إذا أسلمن فأعتق بلالاً وعامر بن فهيرة وغيرهم فقال له أبوه: أي بنيّ أراك تعتق أناساً ضعفاء، فلو أنّك تعتق رجالاً جلدا يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك ، فقال: أي أبت إنما أريد ما عند الله ، فوصفه ربه تعالى : (وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ). (الليل ). قال الفاروق: « بأبي أنت وأمّي يا أبا بكر واللّه ما بدأنا خيراً قط إلا كنت سابقاً إليه ».
قال أبو عبد الله القرطبي : حُكِي أنّ الصّحابة – رضوان الله عليهم – تذاكروا القرآنَ ، فقال أبو بكر الصّديق – رضي الله عنه : قرأتُ القرآنَ من أوّله إلى آخره فلم أَرَ فيه آية أرجى من قول الله تعالى-: { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } ( الإسراء: 84 ) . فإنه لا يُشاكِل بالعبد إلّا العصيان ، ولا يُشاكِل بالربّ إلّا الغفران …. اللَّهِ اكبر
استخلاف النّبي ﷺ لأبي بكر الصّديق رضي الله عنه
ومن أقوال النّبي ﷺ الدّالة على استخلاف الصّديق : من حديث أمناعائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله ﷺ في مرضه : ( ادعي لي أبا بكر، وأخاك حتّى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : (مرض النّبي ﷺ فاشتد مرضه فقال : مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس فقالت أمنا عائشة : إنه رجل رقيق إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلّي بالناس قال : مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس فعادت فقال ﷺ: مري أبا بكر فليصلّ بالنّاس ، فإنكن صواحب يوسف ، فصلّى بالناس إماما في حياة النّبي ﷺ.
وعن أمنا عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله ﷺ قال : « أبى الله والمؤمنون أن يختلفوا عليك يا أبا بكر». وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : «إن الله خيّرعبداً بين الدّنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله » فبكى أبو بكر فقال ﷺ : « يا أبا بكر لا تبك إن أمنّ النّاس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن إخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر » رضي الله عن الصّديق إلف النبي ﷺ وأنيسه وجليسه .
قال الله تعالى : ( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا )[النساء: 69] وقد أخبر المصطفى ﷺ أن أبا بكر رضي الله عنه من الصّديقين وعن حذيفة رضي الله عنه قال : كنا عند النّبي ﷺ جلوساً فقال : ( إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا بالّلذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر وتمسكوا بعهد عمار وما حدثكم ابن مسعود فصدّقوه ) .
وقال بعض العلماء في قوله تعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا في الْغَارِ ) ما يدل على استخلاف رب العباد سبحانه لأبي بكر بعد النبي ﷺ لأن الخليفة لا يكون أبداً إلا ثانياً
وأظلمت المدينة
عن أنس رضي الله عنه قال : لما كان اليوم الّذي دخل فيه رسول الله ﷺ المدينة أضاء منها كلّ شيء ، فلمّا كان اليوم الّذي مات فيه أظلم من المدينة كلّ شيء . وفي رواية : أظلمت المدينة حتّى لم ينظر بعضنا إلى بعض ، وكان أحدنا يبسط يده فلا يبصرها حتّى أنكرنا قلوبنا . وأقبل أبو بكر حتّى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر ، وعمر يكلم النّاس ، فلم يلتفت إلى شيء حتّى دخل على رسول الله ﷺ في بيت عائشة ، ورسول الله مسجى في ناحية البيت ، عليه برد حبرة ، فأقبل حتّى كشف عن وجه رسول الله ﷺ ثمّ أقبل عليه فقبله ، ثم قال : بأبي أنت وأمّي ، طبت حيا وميتا يا رسول الله ، أما الموتة الّتي كتب الله عليك فقد ذقتها ، ثمّ لن تصيبك بعدها موتة أبداً . ثم رد البرد على وجه رسول الله ﷺ ، ثم خرج ، فأقبل على الناس وأقبلوا عليه ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا قوله تعالى ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) ال عمران 144 .
قال أنس : فو الله لكأن الناس لم يعلموا أنها نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ ؛ قال : وأخذها الناس عن أبي بكر ، فإنما هي في أفواههم .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( والله ما هو إلّا أن سمعتُ أبا بكر تلاها فعقرتُ ، حتى ما تُقِلّني رجلاي ، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها ، وعلِمتُ أن النبي ﷺ قد مات) .
و ثبت أن النبي ﷺ قال : لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم.
وثبت أن عمر قال : أبو بكرسيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله ﷺ. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( لما قبض رسول الله ﷺ قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير قال : فأتاهم عمر فقال : يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله ﷺ قد أمر أبا بكر يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر فقالت الأنصار : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ) .
خطبة أبو بكر بعد توليه الخلافة
قال : أيها النّاس! لقد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ، الضعيف فيكم قوي عندي حتّى آخذ له الحق ، والقويّ فيكم ضعيف عندي حتّى آخذ منه الحق إن شاء الله ، وما ترك قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذّل ، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ؛ فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم .
مَوْقِفَ الصِدِّيق من بَعْثِ أُسامة
أمر بإنْفاذ بعْث أُسامة لكنَّ الأنْصار رأت أنْ يُؤخَّر هذا البعْثُ وطَلَبَتْ من عمر بن الخطاب أنْ يُكَلِّم أبا بكرٍ ، وقالتْ له : فإنْ أبى إلا المُضِيّ فأبْلِغْهُ عنا أنْ يُوَلِّي أمْرنا رَجُلاً أقْدَمَ سِناًّ من أُسامة – وأخذ بِلِحْيَةِ الفاروق وهَزَّها حتى كادَت تنْخَلِع ، وقال مُغْضَباً ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا ابن الخطاب اِسْتَعْمَلَهُ رسول الله وتأمُرُني أنْ أنْزِعَهُ ؛ والله لا يكون هذا أبداً ، جبارٌ في الجاهِلِيَّة خَوَّارٌ في الإسلام ،
بعض كُتاب السيرة المُوَفَّقين قالوا : هذا المَوْقِف من سيِّدنا عمر ليس مَوْقِفُهُ لكن أراد هذا الصحابيُّ الجليل أنْ ينْقُلَ لِخَليفة رسول الله رأْيَ الأنصار فإذا وَثَبَ هذا الخليفة على الفاروق وأمْسَكَهُ من لِحْيَتِهِ وهَزَّها فَلَعَلَّها تحذيرا للأنْصار ؛ ولما رجع عمر إلى الناس سألوه عما حدث ، فقالوا : اُمْضوا ، ثَكِلَتْكُم أُمُّهاتكم ، فقد لقيتُ ما لقيتُ في سبيلِكم من خليفة رسول الله ﷺ ، ولما انْطَلَقَ الجَيْش بانْطِلاقة قائِدِهِ الشاب التي لا تزيدُ عُمُرُهُ على سبعة عشر عاماً راكِبٌ الناقة ؛ وخليفة المسلمين يمْشي ، فقال أُسامة : يا خليفة رسول الله ، والله لَتَرْكَبَنَّ أوْ لأنْزِلَنَّ فقال أبو بكرٍ: والله لا تنْزِل ، ووالله لا أرْكَب ، وما علَيَّ أنْ أُغَبِّرَ قدَمَيَّ في سبيل الله ساعة -،ثم قال له: أسْتَوْدِعُ الله دينك وأمانتك وخواتيمَ عَمَلِكَ ، وأوصيكَ بِإِنْفاذ ما أمرك به رسول الله ثمَّ مال عليه وقال : إنْ رأيْتَ أنْ تُعينني بِعُمَر فاذَنْ له بالبقاء معي – أنت قائِدُ الجَيْش وهذا أحدُ جُنودِك – فأذِنَ أُسامةُ لِعُمَر .
قال الصِّدِّيقُ يوما مخاطبا طيرا في السّماء : ياطير ما اجملك تروح وتغدو ولا شيئ عليك يا ليتني كنت مثلك .
استخلاف أبي بكر لعمر:
استشار أبو بكر الصّحابة من المهاجرين والأنصار: مثل : عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وأسيد بن حضير وسعيد بن زيد . وقال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه لأبي بكر الصّديق : ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته ؟ فقال أبو بكر : أجلسوني ، أبا الله تخوفونني؟ خاب من تزوّد من أمركم بظلم ، أقول : اللهم استخلفت عليهم خيرَ الناس بعد نبيك ، وبيَّن لمن نبهه إلى غلظة عمر وشدته فقال : ذلك لأنه يراني رقيقًا ، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرًا مما هو عليه . ثم كتب الصّديق رضي الله عنه عهدًا مكتوبًا يقرأ على النّاس في المدينة وفي الأمصار عن طريق أمراء الأجناد ، فكان نصّ العهد: “بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدّنيا خارجًا منها وعند أوّل عهده بالآخرة داخلًا فيها ، إنّي استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا ، وإنّي لم آلُ الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرًا ، فإن يعدل فذلك ظنّي به وعلمي فيه ، وإن بدَّل فلكلّ امرئ ما اكتسب ، والخير أردت ولا أعلم الغيب { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }”.
وصيّة أبي بكر لعمر
قبل وفاة أَبي بَكْرٍ دعا عمرَ بن الخطاب وقال له : ” إنّي مستخلفك على أصحاب رسول الله ﷺ يا عمر: إنّ لله حقـًا في اللّيل لا يقبله في النّهار، وحقـًا في النّهار لا يقبله في اللّيل ، وإنها لا تقبل نافلة حتّى تؤدى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه باتباعهم الحق ، وحُق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق غدًا أن يكون ثقيلاً ، وإنّما خفت موازين من خفت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الباطل ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفـًا .
يا عمر إنّما نزلت آية الرّخاء مع آية الشّدة ، وآية الشّدة مع آية الرّخاء ليكون المؤمن راغبًا راهبًا ، فلا ترغب رغبة فتتمنى على الله ما ليس لك ، ولا ترهب رهبة تلقى فيها ما بيديك ، يا عمر إنّما ذكر الله أهل النّار بأسوأ أعمالهم ورد عليهم ما كان من حسن فإذا ذكرتهم قلت : إني لأرجوا ألا أكون من هؤلاء ، وإنّما ذكر الله أهل الجنة بأحسن أعمالهم لأنه تجاوز لهم ما كان من سيء فإذا ذكرتهم قلت : أي عمل من أعمالهم أعمل؟ فإن حفظت وصيتي فلا يكن غائب أحبّ إليك من الموت ، وهو نازل بك ، وإن ضيعت وصيتي فلا يكن غائب أكره إليك من الموت ، ولست تُعجِز . ”
وفاته : رضى الله عنه وأرضاه
دخلت عليه ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهو في آخر اللّحظات ، ونفسه تحشرج في صدره ، فآلمها ذلك ، فتمثلت هذا البيت من الشّعر :
لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى * إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
أي لا يغني المال شيئا عن إنسان جاءته لحظة وفاته ، فخشي الصّديق رضي الله عنه أن تكون قالت هذا ضجرًا ، أواعتراضًا ، فقالت ، فنظر إلى كالمغضب ، ثمّ قال : ليس كذلك يا أم المؤمنين ، ولكن قول الله أصدق : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تحيد ) .
روى ابن الجوزي في التّبصرة بسنده إلى أُسَيْدِ بْنِ صَفْوَانَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسُجِّيَ عَلَيْهِ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ كَيَوْمِ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ : فَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُسْتَعْجِلا مُسْرِعًا مُسْتَرْجِعًا حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَال: (رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا بَكْرٍكُنْتَ إِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنِيسَهُ وَمُسْتَرَاحَهُ وَثِقَتَهُ وَمَوْضِعَ سِرِّهِ وَمُشَاوَرَتِهِ وَكُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلامًا وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا وَأَشَدَّهُمْ للَّهِ يَقِينًا وَأَخْوَفَهُمْ للَّهِ وَأَعْظَمَهُمْ غِنَاءً فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً وَأَكْثَرَهُمْ مَنَاقِبَ وَأَفْضَلَهُمْ سَوَابِقَ وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً وَأَقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً وَأَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَدْيًا وَسَمْتًا وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَأَرْفَعَهُمْ عِنْدَهُ وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الإِسْلامِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ.
صَدَّقْتَ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ وَكُنْتَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِسَمَّاكَ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقًا فَقَالَ :{وَالَّذِي جاء بالصدق وصدق به} وَآسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا وَقُمْتَ مَعَهُ عَلَى الْمَكَارِهِ حِينَ قَعَدُوا وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ ثاني اثنين صاحبه في الغاروالمنزل عليه السَّكِينَةِ وَرَفِيقُهُ فِي الْهِجْرَةِ وَخَلَفْتَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَأُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْخِلافَةِ .حِينَ ارْتَدُّوا فَقُمْتَ بِالأَمْرِ كما لَمْ يَقُمْ بِهِ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ . نَهَضْتَ حِينَ وَهَنَ أَصْحَابُهُ وَبَرَزْتَ حِينَ اسَتْكَانُوا وَقَوِيتَ حِينَ ضَعُفُوا وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِهِ إِذْ وَهَنُوا. كُنْتَ خَلِيفَةَ حَقًّا لَنْ تُنَازَعَ وَلَنْ تُضَارَعَ بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَكَبْتِ الْحَاسِدِينَ قُمْتَ بِالأَمْرِحِينَ فَشِلُوا فَاتَّبَعُوكَ فَهُدُوا وَكُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتًا وَأَعْلاهُمْ فَوْقًا وَأَقَلَّهُمْ كَلامًا وَأَصْدَقَهُمْ مَنْطِقًا وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا وَأَبْلَغَهُمْ قَوْلا وَأَكْرَمَهُمْ رَأْيًا وَأَشْجَعَهُمْ نَفْسًا وَأَشْرَفَهُمْ عَمَلا. كُنْتَ وَاللَّهِ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا .أَوَّلا حِينَ نَفَرَ عَنْهُ النَّاسُ وَآخِرًا حِينَ أَقْبَلُوا. كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا وَصَارُوا عَلَيْكَ عِيَالا حَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا وَعَلِم
جمعه ونقحه
الفقير إلى مولاه/أبو الندى
محمود فوزي الموجي





































