بقلم الشاعر … مؤيد نجم حنون طاهر
تاجُ الصُّقور ..
في ذِكرى السَّيطرةِ الأُولى
لصُقورٍ تَعَلَّمَتْ أَنْ تُلْقِي ظِلَّهَا عَلَى البَرِّيَّةِ،
وَقَفَ فَرْخٌ
لَمْ يَكْتَمِلْ رِيشُهُ،
لَكِنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ
أَنَّ الصَّوْتَ أَسْبَقُ مِنَ الجَنَاحِ.
قَالَ:
يا طُيُورَ الفَجْرِ،
يا مَنْ تَزْرَعْنَ الخِفَّةَ فِي الهَوَاءِ،
اِعْلَمُوا أَنَّ الجَمَالَ
لَيْسَ مَا يَلْمَعُ فِي المَظْهَرِ،
بَلْ مَا يُصَاغُ مِنْ قَسْوَةِ الغَرَائِزِ
حِينَ تَتَقَدَّمُ الحَيَاةُ
بِمَخَالِبَ لَا تَعْرِفُ الرُّجُوعَ.
وَإِنَّ لَحْمَ الصِّغَارِ
هُوَ أَوَّلُ دَرْسٍ فِي البَقَاءِ،
وَأَنَّ التَّغْرِيدَ
قَدْ يَكُونُ جَرِيمَةَ مَنْ يَرْفُضُ
أَنْ يَرَى الغَابَةَ كَمَا هِيَ،
لَا كَمَا تُرِيدُهُ القُلُوبُ الوَدِيعَةُ.
وَيا حَمَائِمَ السَّلَامِ،
يا شَهْقَاتِ الأَمَانِ عَلَى الأَغْصَانِ،
لَيْسَ كُلُّ هَدِيلٍ مُوسِيقَى،
فَثَمَّةَ أَجْنِحَةٌ تُصَابُ بِالارْتِبَاكِ
إِنْ شَاعَ الصَّوْتُ
فِي غَيْرِ تَوْقِيتِهِ.
ثُمَّ قَالَ الفَرْخُ،
وَكَأَنَّ الرِّيحَ أَصْبَحَتْ مَنْصَّةً لَهُ:
يا سَاكِنِي الفَضَاءِ،
يا مَنْ تُخَاتِلُونَ الظِّلَّ
وَتَحْلُمُونَ بِأَمَانٍ لَا ظِلَّ لَهُ،
اِعْلَمُوا
أَنَّ السَّمَاءَ لَا تُفْتَحُ
لِمَنْ يَخَافُ الِارْتِفَاعَ،
وَلَا تُعْطِي أَسْرَارَهَا
لِجَنَاحٍ يَرْتَجِفُ قَبْلَ الطِّيرَانِ.
نَحْنُ أَبْنَاءُ الذُّرْوَةِ،
نَقِيسُ حُدُودَ النَّهَارِ
بِمَا تَبْلُغُهُ أَعْيُنُنَا،
وَحَيْثُ يَمْتَدُّ نَظَرُنَا
تُوْلَدُ المَمَالِكُ،
وَتَنْطَفِئُ الغَابَاتُ
إِذْ لَا سُلْطَانَ يُعَانِدُ
حُكْمَ العُلُوِّ
حِينَ يَشْتَدُّ خَفْقُهُ.
فَلْتَشْهَدِ البَرَارِي
أَنَّنَا حُمَاةُ الضَّوْءِ،
وَأَنَّ كُلَّ طَائِرٍ
يَخْتَبِئُ بَيْنَ أَضْلَاعِ الأَغْصَانِ،
إِنَّمَا يَتَعَلَّمُ
دَرْسَهُ الأَوَّلَ:
أَنَّ الخَوْفَ
هُوَ أَقْرَبُ الطُّرُقِ
لِلْوُقُوعِ فِي مَخَالِبِ مَنْ لَا يَهَابُ.
فَاهْتِفُوا
لِلْمَمْلَكَةِ الَّتِي لَا تُخْطِئُ رُؤْيَتُهَا،
لِلتَّاجِ الَّذِي يَصْنَعُهُ الِارْتِفَاعُ،
لِصُقُورٍ
لَا تَنْسَى أَنَّ الهَوَاءَ مُلْكَ لَهَا،
وَأَنَّ النَّجَاةَ
لَا تُمْنَحُ إِلَّا لِمَنْ يَعْرِفُ
كَيْفَ يَحْرُسُ السَّمَاءَ
بِحَدِّ جَنَاحِهِ.
بقلم الشاعر … مؤيد نجم حنون طاهر
العراق





































