“قالت”
سامح رشاد
أنا امرأةٌ بلا بذور ولا فاكهةٌ شاهدتني جدَّتي وأنا أتلوَّى كالجعارين النَّطاطة وشعري يسبح في الهواء كزهرة اللُّوتس، كان جسدي يلمع كالفضَّة وعيناي تستطلعان الشَّمس؛ شدَّتني من ضفيرتي وضربتني،
إذ رئتك تلوح بذراعيك المفتولتين كعارضتين خشبيَّتين ملفوفتين حول شجرة الأضاليا الوحيدة. لطمتني على خدِّي وجرجرتني، فانتفضت كيزان الذُّرة من حجري وسقط اللَّبن الرَّائب من يدها على الأرضِ وشربته القطط. أين أنت الآن وما هو ميعادك؟ هأنذا قد أعددت لكَ كلِّ شيء المائدة وبضع
زيتونات جافَّةً،
آنيَّةَ الفخَّار المدسوسة في الفرن، الكانون ولمبة الجاز ورائحة العشب المبلَّل بالشّتاء دكتنا الخشبيَّة الَّتي تعجُّ بالحنين. وشعري الجميل الَّذي يشبه قطعًا من اللِّيل سوف أجعله وسادة لرأسك الجميل هذا. ومخزن الغلال والطَّحين سوف أجعلك خازنًا عليه. بيتي الَّذي آوى إليه كلُّ ليلة سوف أروَّضه ليكون حوضًا لخيولك الصَّاهلة هذه. خمر يداي الَّذي لم أعطِه لأحد من قبل سوف أسكبه تحت نعليك ليكون كأس نبيذك الوحيد. ألم تقلْ لي:
أنَّ كلَّ وصيفة لا تنال بركتها إلَّا إذا لمست شعريّ؟ أنسيت من أنا؟ جفَّ حلقيُّ واجتدب ريقي وأنا أتتبَّع براريك، أين أنت؟ أين قمرك لأشمِّر عن ساعدي وأقطف من خيوطه؟ أين أنت أيُّها الحبيب؟ يا من اصطفيتك
ألم تقل لي أنَّكِ قنَّاص البراري المهيب؟ أنسيت من أنا؟ أنا عشبتك اللَّيِّنة في ليالي الشِّتاء والحصاد، أنا حربتك الوحيدة وحصنك المنيع وسلّة غلالك الوافية بالشَّعير والقمح أين أنت؟ وما هو ميعادك؟ متَّى تعود إلىّ لأدفِّئك من برد اللَّيل ومن كلِّ تعب النَّهار؟ انتفض جذعي مثل غابة من اللِّيف والحسّ، جرتي بلا حبَّة واحدة من القمح ولا قربة ماء، كلّ صباح أذهب لبيتك الَّذي تحرسه الغزلان أنتظرك حتَّى اللَّيل ولا أجدك.






































