” من يرحل لا يعود “
ناديا يوسف.
جلست تلك الصغيرة تتأمل الطريق علّها تلمح ذاك الخيال الذي كانت تبحث عن تفاصيله في الذاكرة
لم تجد إلا ظلالاً تتراقص أمام عينيها لرجل كان ملجأها الوحيد هو الوحيد الذي تشعر بالأمان معه ومنذ ذلك الصباح الذي غادر فيه البيت وهي تنتظر عودته .
و كعادتها التي لم تتخلَّ عنها تتكئ على جذع الشجرة تتأمل الوجوه التي تمر من أمام بيتهم .. ولكن مع أفول كل يوم ينحسر أملها بأن يعود
مازال ذاك الْيَوْمَ في مخيلتها حيث افتقدته لَم تسأل عن سبب غيابه حدثت نفسها لعله ذهب إلى العمل باكراً أو ربما تأخرت أنا في نومي و أخذت تدندن تلك الأغنية التي يحبها وهي ترتدي ثوبها الأرجواني لطالما أحب والدها ذاك اللون وبعد أيام سمعت والدتها تقول بأنه سافر إلى بلاد بعيدة كي يأتي بالمال و تخبرها جدتها بأنه تلك النجمة المضيئة التي في السماء يراقبها من بعيد وفي إحدى المرات سمعت جارتهم تقول للأخرى كم هو معيب ألا يستطيع أن يأتي ويراهم
والكثير من الأحاديث تسمعها عن رحيله
بلغت عامها السابع ودخلت إلى المدرسة ومازالت تنتظر عند تلك الشجرة التي أزهرت أوراقها عشرات المرات و اصفرت وسقطت و رحلة الأيام تستمر أنهت دراستها الثانوية وذهبت للجامعة ومازالت تقف في مكانها المعتاد تبحث عن تلك اليد التي تمسكت بها يوماً ولَم تعد تجد تلك الأصابع التي رغم خشونتها فهي طرية كالندى
وقفت على منصة التكريم تستلم شهادتها وكم تمنت أن تراه بين الجموع ،لم تجد إلا عيني والدتها تنظران إليها بحب وفخر لتخبرها بأنها رائعة وكم يليق بها التفوق
وفِي يوم ما .. عادت إلى بيتها باكراً لتجد أمام البيت ذاك الحذاء الذي تعرف من صاحبه هل حقاً عاد أم أني أتوهم ذلك
دخلت على حذّر وآلاف الأفكار تجول في رأسها تبحث عنه لم تجد سوى جدها يقول لوالدتها : دعيني نطوي هذه الصفحة يابنتي فمن يرحل لايعود .
Discussion about this post