أحفادهم
لم يكونوا منَّا يومًا؛ هؤلاء الأجداد عاشوا معنا أكلوا طعامنا شربوا ماءنا اعتادوا بعض عاداتنا، ولكنّهم ظلُّوا كما هم ليسوا منَّا.
بعد قرون عديدة قرَّر الحاكم القويُّ طردهم من أرضنا .
أبوا أن يخرجوا؛ إنّها بلادهم، منازلهم، طعامهم، تجارتهم، وأموالهم؛ غيَّروا أسماءهم، مظاهرهم وبقوا كما هم عقيدةً وفكرا؛ تناسلوا، تكاثروا، اختلطوا بنا أكثر مع مرور الزَّمن ذابوا فينا كما الهواء، نقلوا أفكارهم، معتقداتهم، إيمانهم وحياتهم لنا، إنّهم توغلوا فينا كمسرى الدَّم في الجسد.
قد تجدهم جيرانك، أحبابك، بل والأقرب من ذلك؛ قد تجد منهم في عوائلك دون أن تعلم أنّهم متلوِّنون، متحوِّلون، ماديُّون، عبيد المصالح والقيادة، أصبحوا جزءا لا يتجزَّأ منَّا. كيف سرى ذلك الطَّاعون فينا دون أن نشعر!!!!
بقرش واحد غيَّروا الدِّيانة والاسم وبقوا؛ سرطنوا المجتمع، توغَّلوا فينا فلا نعلم الآن بعد عقود طويلة أيّهم منهم، وأيّهم منَّا.
الأصليّون بدأوا في الانقراض والمزيَّفون سادوا الأجواء، لا تدري مَن أقرب إليك!!
يؤذونك دون أن تشعر، يمتصُّوا دماء قلبك بكلِّ سهولة ورضا منك.
مصاصوّ الخلق والدِّين، سالبو الأعراف والتَّقاليد مبدؤهم ميكافيللي بحت ـ الغاية تبرِّر الوسيلة ـ يسيرون على نهجٍ وُضع لهم كي يتسيَّدوا العالم.
تحوَّل هذا النَّهج إلى دماء تسري فيهم.
تكمن القضيَّة ، أنّهم ذابوا فينا؛ فلا نعرفهم. ليس لهم شكل أو مكان محدّد؛ هم معنا في كلِّ مكان، يتزاوجون منَّا ـ بدين ذُكر كذبًا في هويّتهم ـ إنَّهم أحفادهم وأبناؤنا.
قد يتصوَّر البعض أنِّي أغالي ولكن الحقيقة المرَّة أنّنا لا نستطيع الانفصال عنهم؛ أصبحوا منَّا ونحن منهم، مرض عُضال متوطِّن لا نستطيع الخلاص منه؛ “أحفادهم ”
الكاتبة الصَّحفية/ دعاء محمود دعاء قلب
مصر






































