العنف ضد المرأة أشكاله وآثاره في المجتمع المعاصر..
حلب عماد مصطفى
يعتبر العنف ضد المرأة من القضايا المجتمعية المعقدة التي تحتاج إلى تحليل دقيق وشامل. وفي إطار حملة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، نظم مجلس المرأة في حي الشيخ مقصود في حلب ندوة عميقة تناولت أشكال العنف وآثاره المختلفة في المجتمع المعاصر. تمحورت الندوة حول النقاشات المتعلقة بالعنف الجسدي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي، وكيفية مواجهته من خلال التحليل الموضوعي والرؤية الشاملة التي قدمها المحاضر، الدكتور أحمد بحري.
في بداية الندوة، تم التأكيد على أن العنف الجسدي هو الشكل الأكثر وضوحاً وشيوعاً للعنف ضد المرأة. حيث تعاني العديد من النساء من الاعتداءات الجسدية سواء من شريك الحياة أو أفراد الأسرة. هذا النوع من العنف يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان ولديه آثار جسدية ونفسية جسيمة. أشارت الإحصائيات إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي في حياتها، مما يمثل حالة طارئة تتطلب اتخاذ إجراءات فورية.
على الرغم من أن العنف الجسدي يحظى باهتمام أكبر، إلا أن الدكتور بحري أشار إلى العنف النفسي كواحد من الأشكال المهمة التي غالباً ما يتم تجاوزها. يتجلى العنف النفسي في الإهانات اللفظية والتحكم في الحياة اليومية والإهمال. هذه الأنواع من الاعتداءات تترك آثارا عميقة على الاستقرار النفسي للمرأة وتمهد الطريق لمشكلات أكثر تعقيداً في الصحة النفسية. كما أشار المحاضر إلى أن البيئة الاجتماعية التي تفرض الصمت حول هذه الظاهرة تسهم بشكل كبير في تفشيها.
ثم انتقل الدكتور بحري للحديث عن العنف الاقتصادي، الذي يتجلى في حرمان المرأة من الموارد المالية والتحكم في قراراتها المالية. يعتبر هذا النوع من العنف علامة على عدم المساواة ويعزز من التبعية الاقتصادية، مما يزيد من تعقيد الوضع الاجتماعي للمرأة. داخل المجتمعات التي تواجه فيها المرأة صعوبات قانونية أو تقليدية تعيق حقوقها،
أشار الدكتور بحري أيضا إلى العادات مثل تعدد الزوجات والزواج القسري، بما في ذلك زواج القاصرات. هذه الممارسات تعكس نظرة سلبية تجاه المرأة وتعزز نمط حياة مؤسف من الاستغلال والإقصاء. إن التغيير الاجتماعي يتطلب من المجتمع ككل أن يعيد النظر في هذه الممارسات وينشر الوعي حول حقوق المرأة.
واعتبر الدكتور بحري أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل سلاحًا ذا حدين. من جهة، توفر هذه الوسائل منصة للنساء للتعبير عن آرائهن وتجاربهن، ولكن من جهة أخرى، يمكن أن تصبح ساحة للعنف الرقمي حيث تتعرض النساء للتحرش والتهديدات. هذا العنف الرقمي يعزز من مناخ الخوف ويقلل من فرص النساء في إبداء آرائهن.
في نهاية الندوة، شدد الدكتور بحري على أن العنف ضد المرأة لا يمكن فهمه كظاهرة فردية، بل يجب أن يدرس في إطار الثقافة والمجتمع ككل. المجتمع الذي يحترم حقوق المرأة ويعزز من مبدأ المساواة يعتبر مؤشراً حضارياً متقدماً. إن احترام حقوق النساء ومحاربة العنف بشتى أشكاله هي علامات القوة الحقيقية لأي مجتمع.
الجدير بالذكر أن هذه الندوة شهدت العديد من المداخلات القيمة من المشاركين الذين أضافوا رؤى متنوعة حول كيفية مواجهة العنف ضد المرأة. بعض المشاركين تحدثوا عن أهمية التعليم كوسيلة رئيسية للتغيير، بينما ناقش آخرون دور المؤسسات القانونية في حماية حقوق النساء. وتضافر الجهود من أجل تعزيز حقوق المرأة ومناهضة العنف يعد خطوة أساسية نحو بناء مجتمع أكثر عدلاً وتوازناً.






































