المُهاتَفاتُ الغَريبَة الّتي خُضتُها
ــــــــ
ثمّ يَأتي ذلك الآخَر عبر سَمّاعة الهاتِف
ذلك الآخَر الّذي يَعيش
في الجهّة المُقابلة
أنا وكلانا
ويُولد الصّوتُ المُطلّ على المَنزل الّذي أسكنُه
المليء بهذا الشّيء الّذي لا يُحكَى
عَلَنًا، يَأتي، عبر سَمّاعة الهاتِف، ذلك
الصّوتُ المُخطئ، الّذي
لا يُدرِك
بِمَن اتَّصَل؟ يَأتي، بشَكِّه الجمِيل
يَزدَهرُ في العِناية، الّتي تُحبُّني أيضا، (غريب)
يَضعُ فُجأةً بَين عَينَيّ، داخِل صَمْت الزِّيارات
وكلَّ زاويَة اصطدمتُ بها، تعُود
تَحيَا، تأتِي مَليئةً بظِلِّها الواسِع… (تَنتَشر)
في المِنطقة المُنفرِدة، مِن
أمكِنة بَيْتي : صوتٌ يَتكتَّمُ على جزءٍ لا أتفقَّدُه
مِن الذَّاكرةِ، ذلك الرُّكنُ الّذي يُدركُه الغَريب
وهو يَفتَحُ الجهةَ الأخرى، مِن الخَطّ
هناك، حيثُ لمْ أتصوَّر -كما يَحدثُ دائما- العُلبَةَ الّتي لا نَفتحُها أبدا، في كلِّ شيءٍ نَتلاءمُ معه
إلى دَرجةٍ، تَقومُ فيها الأشياءُ بخياطةِ الشِّبَاك
لِصَيْد اليَوم.
يأتي صوتُ أحدِهِم، بيْتا،
نحتَفظُ داخِله، بعُلبٍ كثيرة لا نفتَحُها، يأتي :
-ألُو
-ألُو
ولا أعرفُ أبدا الوَقتَ الّذي قدْ يَحدُث فيه (ذلك!)،
وأنتِ لا تعرفِين أبدا. بينما الدَّاخِلُ، يُدرك كلَّ شيء
عنِّي… نَتحدَّى
-بعضنا البعض-
لمَّا يُصادِفُ هذا الصَّوتُ، الوضعَ نَفسَه :
“هلْ أنتِ أَلْمى؟ لَمْياء؟”
“مَريم؟” -نَكونُ قد نَسينا تلك الكلماتِ كلَّما ضَلَلْنا الطّريقَ- أقُول:
“لا.” أقصِد، “ليستْ هنا..” أو “هي ليستْ، أنا، هناك..”
كأنّني شخصٌ كانَ هنا ثمّ غادَر .
¿
أسأل: “مَن؟” أو، “ماذا؟” كأنَّ حُبًّا لنْ يَتركَني
أسترِيحُ ، كأنَّه يَعضُّني حتَّى لا أنسى،
كأنّ ورقةً مُعتمة أكبَر مِن العيْنين
بكيْتُ فيها، في أحضانها، كُلَّما شعرتُ بالهَلع
تَأتي، عبر المُهاتَفة، مُبهمةً،
ثانيَةً انتِظارَ ظُهورِ الخَطّ
و جَرّه…
إلى حيثُ، الحياةُ المَطويّة الّتي قدَّمتُها إليْه.
¿
صوتٌ يَسيرُ بسُرعة الانطلاق، مُتناوِلاً يَدي،
مِن الوقتِ المُستغرق فيها، يأخُذه،
يجعلُه يَستقِرّ قَريبا،
يَستَديرُ إلى الخلف،
يَتعلَّقُ بأخطاء الصُّدفة، و ينزلقُ بالجِسم القابِل
للتَّلَفِ. يَخترقُ لا أحَد…
¿
عندما يُوفِّر صوتٌ -جاءَ مُستقبِلًا المُكالَماتِ على الجوَّال، (وأنتِ هنا)- الظِلَّ في الفَم،
يَعرفُ الفُضولَ أكثر مِن أيّ كان.
تأخُذُ الأخطاءُ اسمًا، أخيرًا تأخُذ اسما،
بلُغةٍ تُداعِب الهواء… مثل بُقعةٍ لآخَرَ ، ملِيئة بالاستِحالات المُضيئة.
لا أعرِفُ لماذا يَعتذِرُ الغُرباء مِن بعضهِم
البعض.
¿
أسمعُكَ يا بَيْتي ،حتّى بعدَ إغلاقِ الجِهاز،
وعَودةِ النَّخل مِن نَوافذ نيابُوليسْ، واضِحا، تَنسِج
سِرَّ ذلك الرُّكن… تَفاصِيلُ خِياطةِ الإبرَة
على الوَجه.
¿
لا أعرِف أيُّها أجْمَل ،ولا أيُّها قَريَتِي.
ـــــــ
أفراح الجبالي – تونس-






































