المرأة .. في شعر الشّاعر لطيف هلمت
* نحن نملك قدرات باطنيّة ، ولكنّنا لا نستطيع إظهارها إلّا في حالة الانطلاق .
* القصائد تولد من نور وعذابات المرأة .
كتب …. عصمت شاهين الدوسكي
الشّاعر لطيف هلمت غنيٌّ عن التّعريف فهو شاعر متميّز ، مبدع له خصوصيّة تتجسّد في استغلاله الجيّد للرّمز كتعبير عن مكنوناته الّتي تشمل القضايا الإنسانيّة الشّموليّة .
يقول الشّاعر كولردج : ” الشّعر من غير المجاز يصبح كتلة جامدة … ذلك لأنّ الصّورة المجازيّة جزء ضروريّ من الطّاقة الّتي تمدّ الشّعر بالحياة ….”
قيل عن الشّاعر الكثير ، وكتب عن قصائده المتميّزة وصوره الحسّيّة الغنائيّة والرّومانسيّة المفجعة ، المأساويّة . وأنّي معجب بلطيف هلمت كشاعر كرديّ … استطاع أن يقول الكثير … فهو يحاول أن يرفع الحجاب الأسود .. عن كاهل الإنسان ليضعه أمام النّور .. أمام الحقيقة الإنسانيّة … الّذي يكون الأخير مشغولا عنها بأمور الحياة …
ربّما القليل كتب عن دور المرأة في شعر لطيف هلمت .. ويمكن هنا أن أوجز ما لفت نظري … إن السّعادة الّتي شعر بها الإنسان بجوار المرأة الّتي يحبّها .. لا تساوي أيّ سعادة أخرى .. مهما كانت .. وبشكل عام نحن نحبّ لنحيا ونحيا لنحبّ .. فهل شاعرنا بعيد عن الحبّ ؟ من البراهين الحقيقيّة والّتي لا تقبل الشّكّ والنّقاش إنّ كلّ الحبّ بمعانيه السّامية يكمن في قلب الشّاعر .. فكيف يكون بعيداً عنه ؟
” حبّك لا أدري من أين جاء وأستوطن قلبي “
وفي مقطوعة أخرى يعبّر عن قوّة الحبّ الّذي يحمله والّذي يريد أن يبثّه للعالم ، لكي يحيا العالم في ظلّه سعيداً …
” ها أنا ذا أقبل
و على كتفي جبل من الحبّ “
ولا ينكر أنّ قصائده الرّقيقة تولد من الحبّ .. من نور وعذابات المرأة .. الّتي تبعث في كوامنه الحياة ..
” بعدد خصلات شعرك
تغفو القصائد الرّقيقة في قلبي
وكلّما تفتح يسدّ عاصفة بابه
تنطلق عصافير القصائد
تلتصق بصدرك ونهدك “
نحن نملك قدرات باطنيّة مشحونة ، ولكنّنا لا نستطيع إظهارها إلّا في حالة واحدة .. وهي حالة الانطلاق، الحرّيّة ،كسر القيود.. وهذه القدرات هي خدمة للإنسان قبل أن تكون للذّات .. الخوف يطوّق الانطلاق. لكنّ الشّاعر لطیف هلمت .. تخلّص من الخوف .. وأبى أن يسمح لهذا العقرب أن يدخل قلبه ويمكث فيه .. فتشعر أنّ حبّه نما منذ طفولته .
” ليس غريباً
أن تعدو بیادر جدائل « نازلي »
سهاما تصيب الصّدور “
ونازلي .. فتاة أحبّها الشّاعر في طفولته .. المرأة .. لا تفارقه أبداً يجدها في زرقة السّماء وخضرة الرّوابي وخرير مياه الجداول ، في زلال الينابيع وحفيف الأغصان وأعالي الرّاسيات .. في زخّات المطر وتفجّر البركان وصمت القبور .. في الغربة .. والحنين .. في الوحدة والأنين .. في كلّ لمسة حنان ونظرة دفء وأمان .. حتّى في الحلم وبدونها يعيش متروكا في عتمة …
” حلمت
كانت الدّنيا في عزّ البرد
وكنت متمدّداً بين نهديك
وحين صفّق الحلم بجناحيه
كسرب من السّنونو الهارب من الغيث
ألقيتني متروكاً
وحيداً في عتمة غرفتي “
يقول برنارد شو « ليس وراء الحبّ شيء غير الألم ، وإن افترضنا أنّ الحبّ هو ألم .. فهل يقبل الشّاعر بهذا الألم ٠٠؟
العشق والشّعر عنده توأمان .. لا يفترقان أبداً .. يسند أحدهما الآخر .. يكونان معاً قلب الشّاعر
” قلبي
نصفه عشق
و نصفه الآخر شعر “
إذن أنّه يقبل بألمين ، ألم العشق الّذي هو أسمى من الحبّ .. وألم .. الشّعر، الًذي هو مذبحة دائمة سرمديّة . وليس غريباً أن يمتزج هذا الحبّ بالإخلاص والتّضحية وقمّة الوفاء … والقيام بالمستحيل من أجل الحبيبة …
” يمكنني
أن أختطف الشّموس كلّها
وأصيّرها جديلة طويلة
لحبيبتي “
بعد هذه السّطور الموجزة جدّاً … أدعوك قارئي العزيز أن نتأمّل معا من جديد … بالتّأكيد سنجد عوالم وفضاءات جديدة .
۱۹۹۱/۱۲/۱۰






































