اِمْرَأَةٌ لا تُعَطِّرُ ظِلَّهَا
لطيفة الشابي
اِمْرَأَةٌ
لَا تُعَطِّرُ ظِلَّهَا كَيْ يُرْضِيَ الْغَافِلِينَ،
وَلَا تَنْحَنِي كَيْ تُقَبِّلَهَا الرِّيَاحُ عَلَى سُرَّةِ النَّارِ.
هِيَ امْرَأَةٌ
إِنْ رَآهَا الْعَشَقُ تَلَاثَمَتْ نُجُومُهُ
وَانْفَطَرَ الْكَوْنُ مِنْ دَاخِلِ الذِّكْرَى.
تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ…
وَفِي خَطْوِهَا يُفَكِّرُ الْمَاء:
مَنْ سَقَانِي قَبْلَهَا؟
تَمْشِي،
فَيَتْبَعُهَا الْيَاسَمِين وَهُوَ أَعْمَى،
وَتَرْتَجِفُ الْجُدْرَانُ إِذَا اقْتَرَبَتْ مِنْ خَصْرِهَا الذِّكْرَيَات
مَا أَشْبَهَ الْحُبّ إِذَا حَلَّ فِي كَفِّهَا!
هُوَ لَيْسَ نَجَاة،
بَلْ طَرِيقَة أُخْرَى لِلْغَرَقِ الْجَمِيلِ.
تُرَتِّبُ قَلْبَهَا كَمَا تُرَتِّبُ صَلَاتَهَا:
تَسْتَقْبِلُ الْحُلْمَ،
وَتُؤَمِّنُ خَلْفَهُ عَلى نُورِ الرَّوْحِ.
تَقُول:
مَنْ يُقَبِّلُنِي فَلْيَعْلَمْ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الشَّهْقَةِ،
وَعَلَيْهِ نِصْف النَّبْضِ!
وَإِنْ شَاءَ… فَلْيَنْصَرِفْ!
هِيَ امْرَأَةٌ تُشْبِهُ النُّعَاسَ عَلَى رُكْبَةِ الْكَوْنِ،
وَصَفْصَفَة الْقُدْسِ فِي زَفْرَة رَاهِبَةٍ.
تَصِلِي لِمَا بَعُدَ،
وَتُصَافِحُ مَا لَا يُرَى،
وَتَخْلِق وَجْهَ رَجُلٍ
لَيْسَ لَهُ اسْمٌ،
لَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُخْلَقَ مَرَّتَيْنِ.
يَا هَذَا الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مَعَهَا،
كُنْ كَمَا الْغَيْم:
لَا يَهْطِلُ إِلَّا إِذَا اشْتَهَتْهُ الْأَرْض،
وَلَا يُرْعِدُ إِلَّا إِذَا نَادَاهُ الْعَطَش.
كُنْ لَهَا مِثْلَ أَبِيهَا فِي التَّقْوَى،
وَأَخِيهَا فِي الْغَضَبِ،
وَحَبِيبِهَا فِي جَنُونِ الْقُبْلَةِ.
فَإِنْ خَذَلْتَهَا،
فَاعْلَمْ أَنَّ ظِلَّهَا سَيُكَمِّلُ النُّورَ دُونَكَ،
وَأَنَّهَا لَا تُفَكِّرُ فِي الرُّجُوعِ…
هِيَ امْرَأَةٌ
لَا تُعَطِّرُ ظِلَّهَا لِتُرْضِيَ الْغَافِلِينَ،
بَلْ لِتُرْبِكَ فِي عَتَمَةِ الْوَقْتِ
مَعْنَى النُّورِ.






































