وَصايا مُستعجَلة
هوشنك أوسي
لا تَخْشَ شيئًا،
ما تزالُ السَّماءُ في مكانِها،
ولم تُهاجِر.
ما تزالُ القُرى هي القُرى،
تُؤكِّدُ أنَّك مَرَرْتَ بها طائرًا،
وحَلَلْتَ بها زائرًا.
اللَّيلُ المزعومُ في خَلْوَتِه،
يَخطُّ سِيرتَه المُلفَّقة.
والزَّمنُ المنكوبُ يُعايِنُ خَوَاءَه، ويُعاتبُ تَأخُّرَ الموت،
ويَشجُبُ سُرعةَ القَذْفِ لدى الحَرب.
لا تَخْشَ شيئًا،
لن يأتي الصَّيفُ في مَوعِدِه،
وسيَتأخَّرُ الخريفُ أكثر.
مكتوبٌ في اللَّوحِ المحفوظِ:
سيَعثرونَ عليكَ مَيِّتًا بِجُرعةٍ زائدةٍ من الفِياغرا،
على سَريرِ امرأةٍ تُصغِرُكَ نَثرًا، بروايتَينِ ونِصفٍ.
ستتوالى فَضائحُكَ الّتي أتعبتَ نَفسَكَ في إخفائِها بالظُّهور،
لكنَّ حياتَكَ السِّرِّيَّةَ ستبقى حيثُ هي،
مَجدًا عزيزًا، عَصيًّا على الانتهاكِ والسَّرِقة،
فلا تَخْشَ شيئًا.
ثِقْ بالماءِ، وأمهِلِ التُّرابَ فُرصةً أُخرى لِيَثِقَ بِكَ.
كما عَهِدَتْكَ نُصوصُكَ مُقامرًا عَنيدًا، صَلبًا ومُتهوِّرًا،
واصِلْ غناءَكَ،
اقطَعْ حُزنَكَ في مُنتَصَفِه،
ولا تَدَعْهُ يَـمضُغُكَ ويَلفِظُكَ.
قَلبُكَ الّذي تَرعرعَ في كَنَفِ النَّزَواتِ، لن يَرحَمَكَ،
إذا تَراجَعتَ.
صِلْ نَومَكَ بِنَومِهِنَّ،
اترُكْ حَبلَكَ مُلقىً على غارِبِهِنَّ،
مَدِّدْ كَسَلَكَ إلى جِوارِ كَسَلِهِنَّ،
ولا تَأخُذْكَ بِهِنَّ رَأفَةٌ.
اِمضِ إلى حيثُ يَمضي الشُّروق،
وعُدْ مِن حيثُ عادَ جَدُّكَ الكُرديُّ الجَبَليُّ،
خاطِفُ الجَميلاتِ، وقاتِلُ الضَّباب.
تَعالَ، ولا تَخْشَ شيئًا.
لن يَنامَ قلبُكَ جَريحًا بصَوتِ امرأةٍ،
ولن تَستَيقِظَ جائعَ النَّفسِ إلى امرأةٍ.
لا تُحرِجْهُنَّ بالتَّجاهُل،
فَغِيابُكَ يَجرَحُهُنَّ.
قَرينُكَ النَّدمُ، ودَفتَرُكَ التِّيهُ،
نَديمُكَ المَجازُ، وحَبلُ مَشنَقَتِكَ حَمَّالاتُ نُهودِهِنَّ.
لا تُؤجِّلْ عِشقَ اليومِ إلى الغَد،
استَعجِلْ جَرائمَكَ، ولا تَخْشَ شيئًا.






































