أنَـا أتَكَلَّـمُ وَأنتَ تَسمَعُنِي ،
إذًا ، فَنَحنُ مَوجودَان
( F. Ponge )
1
دَائِمًـا _
في الحُبِّ
وَلَيسَ في غَيرِ الحُبِّ
يَتَكَلَّـمُ المُحِبُّ
يَنتَظِرُ جَوَابًـا منَ الآخَرِ المُحبُوبِ
وَإنْ لَـمْ …
قَد تَحصَلُ مُشَادَّةٌ
ذَاتُ وَجـهِ حَقٍّ
وَلِكُلٍّ دَورُهُ
مَـا يَعنِي :
أنَّ المَحبُوبَ لَن يَكُونَ من دُونِي
وَلَن أكُونَ من دُونِـهِ
إنَّ في هٰذَا
مـا نَدعُوهُ تَلمِيحًـا بالحِوَارِ :
ألَّا يُصغِي أحَدُنَـا إلى الآخَرِ
لَكِنَّنَـا نَخضَعُ لِمَبدَإٍ عَادِلٍ
في تَوزِيعِ مُلكِيَّـاتِ الكَلام
2
هُنَا يَعلَـمُ الشَّرِيكانِ أنَّ المُجَابَهَـةَ
التي يخُوضَانِهَـا ، لن تُفَرِّقَهُمَـا ،
وَلَن تَكُونَ مُجدِيَـةً
إذًا ، هٰذِي المُشَادَّةُ سَوفَ تَكُونُ
تَحصِيلَ لَذَّةٍ من غَيرِ مُجَازَفَـةٍ .
تُرَى ، في هٰذِي المُشَادَّةِ لُغَـةٌ
أضَاعَت مُوضُوعَهَـا ، فَيَقَعُ
الشَّرِيكانِ في الحِوَارِ التَّرَاجِيدِيّ
الشِّعرِيّ
وَيُدرِكانِ أنَّ لا شَيءَ
يَحمِلُ على إيقَافِهَـا
وَمَـا من شَرِيكٍ
يَمتَلِـكُ سُلطَـةَ إلغَائِـهَـا .
، على أنَّ المُشَادَّةَ هَذِهِ
، كَمَـا الحُبُّ
دَومًـا مُتَبَادَلَـةٌ
وَهيَ كَمَـا اللُّغَـةُ ، لا تَنتَهِي
وَلَيسَت ذَاتَ مَعنًى
كَونُ الإنسَانِ مُنذُ وُجِدَ
لا يَتَوَقَّفُ عَنِ الكَـلامِ
وَهِيَ تُقَاوِمُ اللَّامَعنَى
كَأن يَحلُمَ كلُّ شَرِيكٍ
أن تَكُونَ لَهُ الكَلِمَـةُ الأخِيرَةُ
يَعنِي :
أن يَتَحَكَّـمَ بالمَعنَى وَيَمتَلِكُـهُ
3
هُنَـا _
قَد يَلجَـأُ المُحِبُّ
إلى تَلطِيفِ الأَجوَاءِ
فَيَقُولُ للآخَرِ المَحبُوبِ _
مَـا يُؤلِمُنِي إلَّا شَيءٌ وَاحِدٌ :
إستِحَالَـةُ أن أُبَرهِنَ لَـكِ حُبِّي .
عِندَئِذٍ يَكُونُ اللُّجُوءُ
الى قُدرَةِ اللُّغَـةِ
ضَمَانُـهُ الوَحِيدُ
هُنَـا _
يَكُونُ لأَشكَالِ البَوحِ أهَمِّيَّتُـهُ ،
بُغيَـةَ انتِزَاعِ ، من فَمِ الآخَرِ ،
صِيَـاغَـةِ شُعُورِهِ
مع تَكرَارِ : ” إنِّي أُحِبُّكِ ”
فَيَعُودُ للمَنطِقِ
والإقنَاعِ والعَاطِفَـةِ فَعَالِيَّتُهَـا
في العَودِ إلى حَالٍ سَوِيَّة
عِندَهَـا _
قَد يَتَكَلَّـمُ المُحِبُّ عَاطِفِيًّا وَشِعرِيًّـا
يَقُولُ للآخَرِ _
لِـمَ لا نَكُونُ مُتَوَافِقَينِ وَسُعَدَاءَ
هٰذِي النُّجُومُ في الفَضَـاءِ تَلمَعُ
وَهٰذِي الأرضُ التي تَحمِلُنَـا
تَستَحِـمُّ بالعِطرِ
وَنَسمَعُ بَـابَ حَدِيقَـةِ الحُبِّ
يُفتَـحُ لَنَـا
4
هٰكَذَا _
لَيسَتِ المُشَادَّةُ ،
في نِهَـايَـةِ المَطافِ ، هيَ الغَـايَـةُ
وَالحُبُّ _ وَحدَهُ _
هُوَ البَيتُ الجَـامِعُ
وَعلى المُحِبِّ الّذي عَانَى رَيبَـةً
أن يَأخُذَ الآخَرَ بِحِكمَـةٍ ،
كَمَـا هُوَ ، مُعفًى من كُلِّ صِفَِـةٍ
لأنَّ حُرِّيَـةَ الآخَرِ
، في أن يَكُونَ ذَاتَـهُ
كَمَـا هُوَ ،
فَلا بُدَّ إذَنْ أن نُفضِي إلى لُغَـةٍ
دُونَ صِفَـاتٍ
كَأن لا نُحِبَّ الآخَرَ بِمُوجَبِ صِفَاتِهِ
بل بِحَسَبِ وُجُودِهِ
هَكَذَا _
لا نُحِبُّ مَـا يَكُونُ
بَل أن يَكُونَ
عِندَهَـا _
يَكُونُ حُلُـمُ التَّوَحُّدِ الكامِلِ
معَ المَحبُوبِ
نَلتَقِي ،
يَعُودُ للحَيَـاةِ إيقَاعُهَـا ،
كَمَـا تَرسُو سَفِينَتَانِ هَانِئَتَان ،
جَنبًـا إلى جَنبٍ ، في المِينَـاءِ
إيمَـانُنَـا أنَّ
” الرَّغبَـةَ هيَ أن نَفقِدَ مَـا نَملِـكُ
وَنَمنَحَ مَـا لا نَملِـكُ ” .
وَأنِّي دُونَ الآخَرِ
أَتَوَقَّفُ عن أن أكُونَ ذَاتِـي
فَلا أشعُرُ أنِّي
” أنَـا هُوَ أنَـا ” إلَّا مَعَـهُ
وَأعرِفُ نَفسِـي أنِّي مُحِبٌّ
وَأنَّ الحُبَّ _ وَحدَهُ _
يَفتَحُ العُيُونَ اتِّسَـاعًـا
وَأنَّ ، في الحُبِّ ،
كُلَّ الأشيَـاءِ تُختَزَلُ في الوَاحِدِ ،
وَأنَّ في رَأسِـي ،
كَونِي مُحِبًّـا ،
فِكرَةً ثَـابِتَـةً :
ألآخَرُ مَدِينٌ لي
بِمَـا أنـا في حَـاجَـةٍ إليهِ .
ميشـال سعـادة
مَسَاء الثلاثَاء
21/10/2025






































