عودة “داعش” إلى دمشق وريفها – تهديد أمني
متجدد وتساؤلات حول تنسيق خفي ..
كتب : أشرف كمال
شهدت العاصمة السورية دمشق وريفها مؤخرًا تصعيدًا أمنيًا لافتًا، تمثل في رصد وتفكيك خلايا تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” ، ما يثير تساؤلات جدية حول تحول استراتيجي محتمل للتنظيم نحو استهداف المناطق الحضرية الحيوية. ويأتي هذا التطور متزامنًا مع إشارات إلى تزايد التعاون الأمني والاستخباري بين دمشق و”التحالف الدولي” لمكافحة الإرهاب، فيما تحوم شكوك عميقة حول تورط أطراف داخل الحكومة السورية نفسها في تسهيل عمل هذه الخلايا أو التواطؤ معها، بهدف إعادة رسم المشهد الأمني وخدمة أجندات داخلية وخارجية خاصة.
– 1. الكشف عن خلية “التنظيم” في ريف دمشق: مؤشر على تحول التكتيك
في 18 أكتوبر 2025، أُعلن عن نجاح عملية تفكيك خلية إرهابية خطيرة تتبع التنظيم في ريف دمشق. العملية الأمنية أسفرت عن:
القبض على أحد أفراد الخلية.
مقتل اثنين آخرين، أحدهما حاول تفجير حزام ناسف كان يرتديه.
مصادرة كميات من الأسلحة والذخائر، إضافة إلى حزام ناسف معد للتفجير.
يشير بعض الباحثين إلى أن ظهور خلايا التنظيم في محيط دمشق يمثل مؤشرًا خطيرًا على مساعيه للتحول من العمليات في البادية السورية المفتوحة إلى استهداف المناطق الحضرية المكتظة. هذا التحول التكتيكي يعكس رغبة التنظيم في إثبات حضوره وتوجيه ضربات رمزية ومؤثرة، بينما يرى آخرون أن توقيت وظروف الكشف عن هذه الخلايا تثير شبهات حول استغلال أجهزة أمنية لهذه المجموعات، أو التغاضي عن تحركاتها، لتبرير عمليات أمنية معينة أو توجيه رسائل سياسية.
2. هجوم كنيسة مار إلياس: تضارب المسؤولية والاتهام للتنظيم
تزامنت هذه العملية مع تداعيات هجوم سابق أكثر دموية. ففي 22 يونيو 2025، هزّ تفجير انتحاري كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، مخلفًا حصيلة مروعة بلغت 31 قتيلًا و 54 جريحًا.
تبني الهجوم: أعلنت جماعة “سرايا أنصار السنة” مسؤوليتها عن التفجير.
-موقف السلطات: أكدت السلطات السورية بشكل حاسم أن التنظيم هو المسؤول الفعلي عن تنفيذ الهجوم.
هذا التنازع على تبني الهجمات قد يشير إلى محاولة التنظيم العمل عبر مجموعات واجهة أو استغلال مجموعات أخرى لتحقيق أهدافه. غير أن إصرار دمشق على ربط العمليات الكبرى بالتنظيم يثير تساؤلات حول دوافع هذا التحديد، خصوصًا مع تداول معلومات غير رسمية تشير إلى تنسيق أو على الأقل “تطويع” بعض الخلايا المتطرفة من قبل أطراف حكومية سورية لخدمة أهدافها في إبقاء حالة التوتر الأمني.
– 3. التعاون الأمني بين دمشق و”التحالف الدولي”: خطوة لمكافحة الإرهاب أم غطاء؟
في سياق متصل، لفتت الفترة الأخيرة الانتباه إلى عمليات أمنية مشتركة ومتبادلة المعلومات بين دمشق وجهات ضمن “التحالف الدولي” ضد التنظيم. يرى أحد المحللين العسكريين أن هذا التعاون “مبني على المعلومات الاستخبارية” مايدعونا لضرورة التنسيق في تتبع واجتثاث بقايا التنظيم
يُظهر هذا التعاون اعترافًا ضمنيًا مشتركًا باستمرار التنظيم كـتهديد إقليمي عابر للحدود. إلا أن البعض يرى في هذا التعاون المشترك، وغير المعلن بكامل تفاصيله، محاولة من الح..كومة السور..ية لتأمين غطاء دولي لعملياتها الداخلية، وربما إخفاء أي شبهات تتعلق بدور أطراف نافذة فيها في التلاعب بورقة التنظيم أو التنسيق مع بعض عناصره لضمان استمرار حالة الطوارئ والحصول على اعتراف أمني دولي.
خلاصة: تهديد أمني متصاعد وشكوك متزايدة
تشير هذه التطورات مجتمعة إلى أن التنظيم لا يزال يحتفظ بقدرة عملياتية على اختراق المناطق الآمنة، وأن عودته إلى محيط العاصمة دمشق ليست مجرد حادث أمني عرضي، بل قد تكون مرحلة جديدة في تكتيكات التنظيم. ومع ذلك، تظل الشكوك قائمة وكبيرة حول دور أطراف من الح..كومة السور..ية في هذا المشهد، حيث تُتهم هذه الأطراف بالتواطؤ والتنسيق مع هذه المجموعات الإرهابية لخدمة أجندات سياسية وأمنية داخلية معقدة. يبقى التعاون الأمني والاستخباري المتزايد، أداة حيوية لمواجهة التهديد، ولكنه يضع أيضاً مسؤولية مضاعفة على المجتمع الدولي للتحقق من نزاهة الأطراف المشاركة في مكافحة الإرهاب.






































