الأخلاق والأرزاق
* تأثّرتِ العولمة المادّيّة والنّفسيّة والفكريّة الضّيّقة في بعض النّفوس – عصمت شاهين الدوسكي
في عصر التّطوّر السّريع والتّغيّر الكبير تتغيّر الأمور والنّفوس والأخلاق، فكلّما كانت الأخلاق سامية مرتقية توازيها الأرزاق،أخلاق النّاس من حولنا يشوبها التّناقضات، فكلّما تزوّد الإنسان بالأخلاق زادت محبّة النّاس حوله، ربّما لا يمكنك شراء النّاس بالمال لكن من حسن أخلاقك يقترب إليك أكثر النّاس، وهذا رزق ليس بالهيّن، ومن كان سيء الخلق وضيّق الصّدر يبقى وحيدا مهما كانت شهرته ومنصبه ومقامه، يقول يحيى بن معاذ في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق: ” الأخلاق أرزاقٌ قسمها الله بين عباده، ولن يصل أحدنا إلى ما يؤمله إلّا بخلق حسن، وإذا كانت النّفوس بيوت أصحابها؛ فإنّ أفضل ما ندخل به تلك البيوت أن نستعمل الرّفق في القول والإحسان في التّعامل” وقد انزل الله في محكم كتابه على الرّسول الأمين ولعلّ أبلغ وصف وأدقّ تصوير لخلق الرّسول الكريم ما وصفه به القرآن بقوله الجامع الموجز:}وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{، وبهذا الخلق جمع الأمّة النّاس على قول لا إله إلا الله محمد رسول الله،وكيف لا يكون صلى الله عليه وسلم جماع كلّ خلق عظيم وهو القائل : ” إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق “.
والّذي يملك أخلاق حسنة يملك تعبيرا حسناً، فإذا تكلّم خرج كلامه خيرا جميلا يعطي التّقدير والمودّة واللين والاحترام، وليس عيبا أن يشكر النّاس على أعمالهم الإنسانيّة الكريمة، ويبتعد عن الغضب والقسوة والظّلم والكلام الجارح إذا رأى تقصيرا غير متعمّد، فالكلمة الطّيّبة صدقة فيها من السّحر تفكّ تحلّ أعقد الأمور.
ومن تواضع للناس رفعه الله، فالمتكبّر والبخيل والحاقد والمتعالي والّذي يتميّز بلسان طويل ويعيش بوجهين يؤذي الآخرين معتاد على القذف في حقّ النّاس إن كان من أهله أو أقربائه أو أصدقائه تجده في ضيق وضنك ويندب حظّه، لماذا هذا عنده وأنا لا؟! لماذا هذا ناجح وأنا لا..؟! وهذا يحدث علنًا هذه الأيام من خلال شبكة التّواصل الاجتماعي، فنرى السّبّ والحقد والقذف والأنانية بطريقة وأخرى، وإذا ما تغيّر حاله من السّلبيّة إلى الإيجابيّة تغيّر حاله وانهالت عليه أبواب الخير والأمان والسّلام والحياة.
وقد تأثّرتّ العولمة المادّيّة والنّفسيّة والفكريّة الضّيّقة في بعض الّنفوس، وأصبحت الهبات والعطايا شيئًا مقابل شيء، سأل عنّي أسأل عنه، أعطاني أعطيه، اتّصل بي أتّصل به، كتب لي أكتب له وهكذا باقي الأمور الحياتيّة والاجتماعيّة فإنّ الكرم ضدّ البخل ضدّ اللؤم من يكرم ويتبرّع ويبادر أوّلًا حتّى قبل السّؤال من النّفس الزّكية وكل إناء ينضح بما فيه.
وحينما نتذكّر في حياتنا من مرّوا فيها نتوقّف دائما عند تلك الذّكريات الّتي تركت أثرا طيّبا بكلمة طيّبة وتصرف جميل وعطاء دون مقابل وأخلاق خلًاقة ما زالت تلهمنا بجميل الأثر وتمّدنا بالنّور الرّوحي والفكري والحّسي شكرا لكلّ الّذين تركوا بصمة إيجابيّة في حياتنا كشعلة تنير حياتنا فهم الّرزق الخفيّ والعلنيّ دائما.






































