:جدران غربتي
بِقَلْبِ الْمُنْفَى وَعَيْنَيْكَ الْوَطَنُ أَرْكُنُ أَحْزَانِي عَلَى جُدْرَانِ غُرْبَتِي كَالطِّفْلِ يَرْسُمُ أَحْلَامًا بِظِلِّ يَدٍ وَأُرَمِّمُ صَمْتِي بِبَعْضِ الذِّكْرَيَاتِ كَسَفِينَةٍ تَشُدُّ خُيُوطَ الضَّوْءِ فِي اللَّيْلِ فَكُلُّ الْجِهَاتِ تَجْحَدُنِي تَنْسَاكَ فِيَّ وَعَيْنَاكَ وَطَنٌ لَا يَزَالُ يُقِيمُ فِي دَمِي أَسِيرُ عَلَى رَصِيفِ الِانْتِظَارِ الْمُثَقَّبِ أَتْبَعُ ظِلَّكَ كَمْ أَنْشُدُ وَجْهِيَ فِيكَ وَأَسْأَلُ اللَّيْلَ كَمْ بَقِيَ مِنِّي هُنَاكَ كَمْ صُورَةٍ تَبَقَّتْ فِي مِرْآةِ غِيَابِكَ كَمْ ظِلٍّ لِرُوحِي عَلَى أَعْتَابِكَ أُرْسِلُ دُمُوعِي قُرْبَانَ وَجَعٍ قَدِيمٍ لِتُرَوِّيَ صَحْرَاءَ شَوْقِي الْيَابِسَةَ وَالزَّمَنُ الْغَرِيبُ يَنْسَاحُ كَالْمَاءِ بَيْنَ أَصَابِعِي حَتَّى دَقَّاتُ قَلْبِي أَصْبَحَتْ غَرِيبَةً عَنِّي كَطَيْرٍ يُغَرِّدُ بِأُغْنِيَةٍ لَمْ أَعُدْ أَفْهَمُهَا فِي كُلِّ حُلْمٍ تَدْخُلُ عَيْنَاكَ بِهِدُوءِ الْأَنْبِيَاءِ تُضِيئَانِ عَتْمَتِي لَيْسَ كَالطَّيْفِ بَلْ كَصَلَاةٍ تَنْزِلُ مِنْ سَمَاءٍ ثُمَّ تَمْضِي تَتْرُكُنِي أَرْتَجِفُ كَمَنْ خَرَجَ لِتَوِّهِ مِنْ عُمُرٍ آخَرَ مِنْ جَسَدٍ لَمْ يَكُنْ جَسَدِي أَرَاكَ فِي دَاخِلِي قَبْلَ نَوْمِي مَدِينَةً مِنْ نُورٍ تَحْتَ جِلْدِي تُقَامُ وَأَسْمَعُكَ فِي هَدِيرِ وَحْدَتِي كَأَنِّي أُنَادِيكَ بِقَلْبِي وَأَنْتَ تُجِيبُنِي بِالصَّمْتِ بِتِلْكَ النَّظْرَةِ الَّتِي لَا تَمُوتُ يَا مَنْ غِبْتَ عَنِّي كَالشَّمْسِ فِي مَنْفَى الْغَيْمِ أَيُّ حُبٍّ هَذَا الَّذِي يَنْبُتُ فِيَّ رَغْمَ الْمَوْتِ الْمُتَكَرِّرِ فِي الْغِيَابِ رَغْمَ الْجِرَاحِ الَّتِي تَنْسَاحُ فِي أَعْمَاقِي كَالنَّهْرِ مَا زَالَتْ عَيْنَاكَ تُقِيمَانِ بِي كَسَحَابَتَيْنِ تَعْبُرَانِ ذَاكِرَةَ الضَّوْءِ لَا وَجْهِي يَغَادِرُهُمَا وَلَا زَمَنِي يَنْجُو مِنْ رَجْعِ ابْتِسَامَتِكَ حَتَّى الْهَوَاءُ بَيْنَ أَضْلُعِي يَحْمِلُ نَبْضَ أَسَامِيكَ وَهَا أَنَا عَلَى أَرْصِفَةِ الْوَجَعِ أَطْوِي رُوحِي كَالْخَرِيطَةِ الْمُمْزَقَةِ الَّتِي لَا تُوَصِّلُ إِلَّا إِلَيْكَ أَحْمِلُ غُرْبَتِي عَلَى كَتِفَيَّ كَنُزَّاعٍ يَحْمِلُ مَطْرَحَةَ الْقُرَى الْمَنْسِيَّةِ وَأَمْشِي إِلَيْكَ دُونَ خَارِطَةٍ إِلَّا تِلْكَ النَّظْرَةَ الَّتِي تَرَكْتَهَا مَرَّةً فِي عَيْنَيَّ وَمَضَيْتَ كَشَمْسٍ تَغَادِرُ أُفُقًا لِتَحْتَفِظَ بِصُورَتِهِ فِي دَاخِلِهَا إِلَى الْأَبَدِ.
)(بِيرُوت ٢٠٢٥/٨/٢ مَرْيَم أَبُو زَيْد(سراب






































