بقلم الشاعر … مؤيد نجم حنون طاهر
لِنَكُنُ أَرواحًا عابِرَةً فِي الظِّلِّ …
لِنَكُنُ أَرواحًا عابِرَةً
تَنسابُ بَيْنَ صَمْتِ اللَّيْلِ وَهِجْرَةِ النُّجُومِ
الغُرَباءُ فِي أَرُوقَةِ الذِّكْرَيَاتِ
المُسْتَيْقِظُونَ عَلَى خَيَالَاتِ الرِّيحِ
وَيُقَالُ عَنْهُم “تَائِهُونَ”
الأَصْدَاءُ وَالظِّلَالُ المُتَمَرِّدَةُ
المَغْفُونَ عَلَى أَكْتَافِ الشَّوْقِ الطَّوِيلِ
السَّائِرُونَ فِي العَتَمَةِ بِلَا وَجْهَةٍ
المُشْتَاقُونَ بِلَا مَدًى
الرَّاكِضُونَ خَلْفَ أَشْبَاحِ الأَمَلِ الضَّائِعِ
الأَسْرَارُ وَالذِّكْرَيَاتُ الغَرِيبَةُ
فِي زَوَايَا اللَّيْلِ، عَلَى شَوَاطِئِ الأَحْلَامِ
فِي المُدُنِ المُهْجَّرَةِ، فِي القِفَارِ الصَّامِتَةِ
كُلُّ أَرْضٍ تَحْمِلُ أَمْنِياتٍ خَفِيَّةً
وَكُلُّ سَمَاءٍ تُمْطِرُ أَحْلَامًا غَائِبَةً
عَلَى نِدَاءَاتِ الفَجْرِ
تَتَلَاشَى خَيَبَاتُ القَلْبِ
كَأَوْرَاقٍ ذَابِلَةٍ بَيْنَ يَدَيْ الزَّمَنِ
كَحِكَايَاتٍ لَمْ تُكْتَبْ بَعْدُ
الشَّاهِدُونَ عَلَى المَصِيرِ
الحُرَّاسُ عَلَى أَسَى الأَيَّامِ
الأَصْوَاتُ الَّتِي لَا تُسْمَعُ
الحُرُوفُ المُفْقُودَةُ فِي كُتُبِ الرِّيحِ
الأَشْبَاحُ الَّتِي تَبْتَسِمُ لِلْغَدِ
وَالْعُيُونُ الَّتِي تُرَاقِبُ سُقُوطَ النُّجُومِ
فِي المُدُنِ المُدَمَّرَةِ، وَفِي القِفَارِ الخَاوِيَةِ
يُزْرَعُ الأَمَلُ بَيْنَ الشُّقُوقِ
يُحْمَلُ الحَنِينُ عَلَى الأَكْتَافِ
وَيُخْبَرُ اللَّيْلُ بِأَسْرَارٍ لَا يَعْرِفُهَا النَّهَارُ
الخُطُوَاتُ عَلَى جُسُورٍ مِن رَمَادٍ
تَلْمَسُ عَبِيرَ اللَّيَالِي البَعِيدَةِ
تَجْمَعُ أَطْيَافَ القَمَرِ فِي الأَكْفِّ
تَرْسُمُ العَتَمَةَ بِأَلْوَانِ الضَّيَاعِ
تَخْتَرِقُ سُحُبَ النَّدَمِ بِلَا خَجَلٍ
فِي البِحَارِ المُظْلِمَةِ
تَسْبَحُ الأَرْوَاحُ بَيْنَ الأَمْوَاجِ
تَحْتَ سَقْفِ غَيْمٍ ثَمْلٍ بِالأَحْزَانِ
وَالنُّجُومُ تَبْكِي عَلَى شَوَاطِئِ الصَّمْتِ
كُلُّ مَوْجَةٍ تَحْمِلُ سِرًّا،
وَكُلُّ رَذَاذٍ يُرَوِّي حُلْمًا غَائِبًا
فِي الغَابَاتِ المُسْحُورَةِ
تَتَحَدَّثُ الأَشْجَارُ بِأَلْسِنَةِ الظِّلَالِ
وَتُرَاقِبُ العَصَافِيرُ الحَائِرَةُ القُلُوبَ
تَجْتَمِعُ الأَرْوَاحُ عَلَى أَغْصَانِ اللَّيْلِ
وَتُنْشِدُ حِكَايَاتٍ لَا يَعْرِفُهَا البَشَرُ
حَتَّى الرِّيحُ تَتَوَقَّفُ لِتَسْمَعَ
فِي المُدُنِ القَدِيمَةِ
تُنْسَجُ الأَرْوَاحُ عَلَى جُدْرَانِهَا المُهْدَمَةِ
الحُرُوفُ المُتَنَاثِرَةُ تَتَحَوَّلُ إِلَى نُورٍ
وَالْأَبْوَابُ المُغْلَقَةُ تَفْتَحُ أَسْرَارَهَا
لِكُلِّ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ صَدَى غِيَابٍ
لِكُلِّ مَنْ يَرْكُضُ خَلْفَ أَشْبَاحِ الحُرِّيَّةِ
مَعَ كُلِّ فَجْرٍ جَدِيدٍ
يَتَفَتَّحُ نَهْرُ الصَّمْتِ المُشْتَعِلِ
تَتَفَجَّرُ الأَحْلَامُ فِي الصُّدُورِ
تَتَرَاقَصُ الذِّكْرَيَاتُ كَأَلْسِنَةِ النَّارِ
تَعْلَمُ الرُّوحُ أَنَّ الغِيَابَ لَيْسَ نِهَايَةً
وَأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى العَوَالِمِ تَظَلُّ خَالِدَةً
فِي الظِّلَالِ العَمِيقَةِ
تَتَعَانَقُ الأَسْرَارُ مَعَ الصَّمْتِ
تَتَهَادَى الأَشْبَاحُ بِلَا عُيُونٍ
وَتَتَلَامَسُ الأَرْوَاحُ كَمَا لَوْ كَانَت خُيُوطًا مِن نُورٍ
تَنْقُشُ عَلَى جُدْرَانِ الزَّمَنِ
أَنَّ الرَّحِيلَ لَيْسَ فَرَاغًا
وَأَنَّ البَحْثَ عَنِ المَعْنَى أَبَدًا لَا يَنْتَهِي
وَفِي النِّهَايَةِ، عَلَى شَاطِئِ الأَبَدِيَّةِ
تَتَجَمَّعُ كُلُّ الأَرْوَاحِ العَابِرَةِ
تَتَلَاقَى عِنْدَ مُفْتَرَقِ الزَّمَانِ
تُغَنِّي لِلأَمَلِ، لِلأَلَمِ، لِلْحَنِينِ
وَتَكْتَشِفُ أَنَّ كُلَّ ضَوْءٍ فِي الظَّلَامِ
هُوَ اِنْعِكَاسُ رُوحٍ لَمْ تَفْقِدِ الطَّرِيقَ
وَأَنَّ كُلَّ صَمْتٍ يَحْمِلُ نَغْمَةً مِنَ الحَيَاةِ
بقلم الشاعر … مؤيد نجم حنون طاهر
العراق






































