بقلم الشاعرة أمال القاسم الأردن
تنازعُني نفسي للتّوغّلِ في هولِ قصيدةٍ ثرثارةِ المطر وادعةِ المقل، يانعةِ الثّمر.. تارَةً تدنو من خزائنِ قلبي ضاحكةً بترانيمَ بريئةٍ، مدوزنةٍ بلغةِ الطّيرِ، وتارة أخرى ترفضُ أنْ تشكوَ جبروتَ الواقعِ وتأبى أن تكونَ فاتحة لدمِ المواجعِ ولا زلزلةً تبعثُ أبابيلَ في الزّوابع وتأبى أن تكون قيامةً تقطفُ الأطفالَ والجباهَ والرّصاصَ من ذراعِ أُمّةٍ أمَةٍ غافلةٍ؛ علّمَتْنا قديمًا أنَّ الذّراعَ هو أوّلُ القِلاعِ وأن الكرامةَ لا تشترى ولا تباع، وأنَّ الثّورةَ أبجديّةٌ؛ أوّل دروسِها أن تموتَ حرًّا خيرٌ من أن تعيشَ ألفَ مرّة.. إلّا أنَّ جبينَ الأُمّةِ حالكٌ، السّائر فيه سالك، جفونُها مناجلُ للغيوم، ضلوعُها للركوع، سواعدُها سلالمُ للغزاة، وجهُها برزخٌ يعبره الماضون إلى الحياة، مهما تبدّلتِ الفصول لا ترى ملامحَ لها إلّا ملاحم الشّوارع ، ونُصُبَ الماضي وجازمات الفاعل، أُمَّةٌ شائخةٌ لجَمتْ نصالَها، ونامتْ ليلَها طاعنةً في الصّمتِ والغياب ..
تنازعُني، وشيءٌ من ظمأٍ يتأجّجُ في عروقي بخشوعِ الصّمتِ، يؤرَّقُني، يعتصرُ روحي بشبقيّةِ الارتواء .. ونوبةٌ من مسٍّ وجنونٍ تدعوني إلى تطبيعِ مشاعري .. تودِعُني ابتسامتَها الشّيطانيّةَ ! وقهقهةٌ مخمليّةُ الأنفاسِ تتطايرُ منها رائحةُ خيانةٍ عابثةٍ؛ تنقضُّ على شرنقةٍ تلحّفَتْ مَسمعي الحريريَّ …!!
لكنّني،أيّتُها العابثةُ بأركانِ الرّوحِ وتفاصيلِ ِالدّم، تنتصرُ فيَّ الرّغبةُ إلى التَمرّدِ على هذا النّزوعِ وعلى الرّعونةِ الشّجاعةِ، والفلسفةِ الجبانةِ، وعلى لهاثِ الجوعِ .. فلن أخرجَ من جلدي وتنهُّدِ يراعي لألتحفَ ضبابيّةَ الغيم؛ ذلك أنّني في أعماقي عروقُ اِمرأةٍ حرّةٍ تسكنُني، عيناها تختصران الأساطيرَ والقصائد، يداها تقطفان حريرَ الغيمِ باقاتِ من الشّعرٍ .. وثمّةُ رحمٌ تقيمُ فيه أغنياتٌ خضراءُ، وأجنحةٌ موسيقيّةٌ تفرِدُ ألوانَها وألحانَها الحنونَ فتدثّرُ الصّدى، وناياتٌ تجري من تحتِ مَسامِها كأنّما هي جسدٌ من ماء، امرأةٌ كرنينِ الذّهبِ وصليلِ السّيوفِ، ختمت تاريخَها في حِضنِ بدرٍ حتّى اِكتمل، اِمرأةٌ نَيْسانيّةٌّ تهدهدُ الرّيحَ فتنامُ في جبينِها، إلى أن هبّتْ في وجهي مدويّةً :
” أنا أوّل النّاجين من جرحي،
إنّي أحترق على دروبِ الشّموع
وإنّي أَأْبَى الخنوع ..!
بقلم الشاعرة آمال القاسم







































Discussion about this post