ــ(1)ــ
البلادُ التي كسرتْ رجليها،
مشتْ مُتّكئةً على عافيةِ أبي
و على راتبٍ لا نعرف منهُ شيئًا
سوى ٱنتهائه.
أردتُ طرفًا ٱصطناعيًّا أُسْنِدُ عليهِ
السّماءَ و ما أسفلها،
و لأنّني عشتُ فقيرًا،
استعملتُ طُفولتي.
ــ(2)ــ
يا ربَّ الخبز
و الجبن
و المناديلِ المُبقّعةِ بالبركة،
ألم تقل لي “ٱدعوني أستجبْ لكم؟”
لقد دعوتكَ كثيرًا
منذُ صغري
إلى أن أطفأت أمّي ضوءَ الغرفة،
و حين نظرتُ إلى عرشك
كانت الكهرباءُ مُنقطعةً هنالك أيضًا.
ــ(3)ــ
مرّةً رأيتُ أمّي تضغطُ على صدرها،
تلطمه،
تضغطُ عليهِ ثمّ تلطمهُ مرّةً ثانية،
هكذا،
إلى أن تنتهي من فردِ العجين
الّذي ما كفى عائلتنا يومًا.
قلّما أكلنا،
لكنّنا مشينا للسّماء
كما لو كانت آخرَ مخبزةٍ تعملُ بالحيّ،
و ردّدنا في نهايةِ كلِّ صلاة
“بالشّفاء و الهناء.”
لشدّةِ ما ٱتّسخت مائدتنا
بالدُّعاء،
كنّا نغيّرُ غطاءها بعد كلِّ وجبة
حتّى لا يحسدنا الجيرانُ على كثرةِ الله
في بيتنا.
عدا ميزانِ الحسنات
الّذي تجفّفُ عليهِ أمّي أطواقَ الثّوم
و ترتّبُ عُلبَ المصبّرات،
لم يمتلِء شيءٌ في مطبخنا؛
لا ثلّاجةٌ و لا رفّ.
ــ(4)ــ
قالوا:
“البلادُ أمّك”،
لكنّي طالما مسكتُ يدي لأقطعَ الطّريق،
و ما علقَ على جزمتي لم يكن طينًا؛
كانت وحدتي
الّتي أنسى دومًا أن أنظّفها
قبل الخروجِ من البيت.
لأمّي سبعةُ أبناء،
الحزنُ أكثرهم دلعًا،
تُسَرِّبُ إلى جيبهِ القطعةَ الأكبر
من قلبها،
و لأنّهُ المفضّلُ عندها،
تنادينا بٱسمهِ عن طريق الخطإ.
ــ(5)ــ
قالوا:
“البلادُ أبوك”؛
ألهذا لم تعرف كيف تحبّنا؟
لم يكن أبي خائنًا،
لكنّي رأيتهُ يخرجُ من البابِ الخلفيّ
لٱستقبالِ الآخرة،
يطوّقُ خصرها الّذي يسمنُ
مع كلِّ حرب،
ثمّ يتنزّهانِ معًا
في الهاوية!
لو دُفِنْتُ تحت قصفٍ ما،
هل كان أبي ليُقضّيَ مع موتي
وقتًا أكثر؟
ــ(6)ــ
أتيتُ دومًا في المرتبةِ الثّانية
بعد السّماء
و بعد حزنِ أمّي
و بعد البلادِ الّتي كلّما عَرِجَتْ،
أخذَ أبي و من إخوتي عظمةً
ليُصْلِحَ مشيتها.
Hajer Rq
Discussion about this post