القاهرة … الرواد نيوز
هي أنيقة الكلام قبل الشعر وبعده، هادئة حتّى حدود الصمت اللامع. واللافتُ في صمتها أنّها تُجيد قراءة الزهر والشجر والتُراب، وتحتفلُ بزرّ وردة تفتّح في منامها .أعرفها من قمر الذاكرة، وخبز الحارة المرقوق ، تُقيم على حافّة الدَّير الموصول بأحلامنا وآلامنا وطرقاتنا ومسابحنا الواسعة أيضًا . تكتب لتُعيد المسافة إلى قلمها، هذا القلم الّذي نام باكيًا فوق ورق الشِّعر طويلًا.
وحين راح يحلم أعاد دائرة الضّوء إلى البدايات، له نافذة على الغيم ، وأُخرى على السّماء . وتسألْ كلّما قرأتَ لها قصيدة مطعونة القلب: من أين تأتي بكلّ هذا الحبر المقدّس؟ أعرفها من نظراتٍ بعيدةٍ، لم يتغيّر فيها النّسيان، كانت ” معلّمتي ” في المدرسة ، تحسب الفقراء أولادها ، ولا تفلتُ منها دقيقة خارج ” الشّرح ” ، كانت تأتي إلينا، في تلك الأيّام، بكامل الطّبشور واللوح والكتب ، مثلما تأتي الآن بكامل الزّيتون وزيت الطِّيبة .
هي وديعة الأمان ، طلبَت منّي كتابة ” مدخل كتابها الجديد ” بخجلٍ فريدٍ ، لأنّها تعلم في ورقها أنّّني مهدود الفواصل والحروف والأيّام . قلتُ بخجلٍ فريد الصّوت ، أنا الّذي امتنعَ لعمرٍ عن كتابة أيّ حرف في شعرٍ وشاعرٍ … ! وحين غادر صوتها ، تَرَك دمعة في عَيني. صوتها النّاثر سطور المحبّة الخضراء في يباس هذا الوقت القاتل . أعرفها كما يعرف الشِّعر زعتر الأسماء النّقيّة ، هي لا تمدّ يدها لحرفٍ خارج نزهة بالها ، ولا تقطف نومة قصيدة ألقَت برأسها قليلًا ، ولا مُصابة بداء اللهفة هنا وهناك ، هي من ظلّها لا أكثر ولا أقلّ .
تميل إلى أغنيات المَعاصر ، إلى عنب العرائش المُلقاة في حقول المفردات ، وتغسل وجهها بمطر الصّباح الآتي من الجبال العالية . هي جميلة المبنى والمعنى ، تكتب لتستريح من سَفر الزّمان خارج زمنها؛ لكنّها لا تستريح، تخرج من عباءة الدّقائق في ساعتها، لترى ما يدور في رأس الوقت؛ لكنّها لا تعرف ، تتمشّى بين السّطر والسّطر، كما تكتب السّنونو رحلتها في دفتر الرّبيع، ثمّ تعود من هناك بخريفٍ جديدٍ . هذا كتابها ، قصائد عائدة من غيابٍ طويل ، تصفّحها بعين القلب أوّلًا لتتعرّف إلى عطرها ، وبعدها يكفيك ما أوجعك من حزن حبر يحتفل بقدّاسه اليوميّ خارج هذا الكون المنفيّ .
وتعد السّيرة الذّاتيّة للشاعرة حسناء سليمان ، حسنا سليمان ، البلد :لبنان ، مسقط رأسي ضيعتي: ايطو في شمالي لبنان ، تأثيرها مهمٌّ في حياتي … إذِ انصهرت في الطّبيعة الخيّرة الخلّابة ، المغرّدة ، فيها تعشّقت المشاعر التي تشدّني الى صدق الأرض وعطائها وجمالها ، كان ابي يعرف ان سلاحنا هو العلم ، بدأنا في مدرسة الناصرة في كفرزينا ، وبعد الشهادة المتوسطة انتقلت الى مدرسة القلبين الأقدسين ، شهادتي الثّانوية هي الرّياضيات ، المنطق وكلّ ما يحزّ بالمشاعر ويلامسُ قلبي، ساعدني على الكتابة باكرا .
عملتُ مدرّسة رياضيّات وعلوم ،وأحيانا درّستُ الفرنسيّة ، إذْ أنّني أكملت تخصصي باللّغة الفرنسيّة ، كتبتُ وما زلتُ أكتبُ في عدّة مجلّات منها الكترونية ومنها ورقيّة ، شاركت وأشارك في أمسيات شعريّة في منطقتي وفي غيرها ، أشارك في عدة منتديات ثقافية ، كتبتُ الكثير بما يعادل أكثر من عشرة كتب ، منها المقفّى ،منها النثر الشّعريّ، ومنها قصص صغيرة من صلب الحقيقة.
شاركتُ مع شاعرات من لبنان في إصدار ل (مجلّة الآداب والفنون العراقيّة ) ،في ديوان (شوق على ضفاف الغروب ) …وُقّع في لبنان ، شاركت في ديوان:مفردات الفرسان المخبّأة ( دار ميرزا للنّشر)، ثمّ في ديوان :نجوم في الشّعر والأدب (دار ميرزا للنّشر)، أصدرت كتابين ، الأوّل بعنوان : “إبحارٌ في وجه الإعصار “، والثّاني:أقف على خطِّ النّار ، يُوقّع في معرض القاهرة، عندي عدّة دواوين ، وقصص صغيرة من جزئين ، كلّها معدّة للطّبع .
Discussion about this post