عندما يبكى الرجال
ناديا يوسف
ليست مجرد عنوان أو اسم لفيلم مصري بل هي حالة يعيشها ذلك الرجل الذي نراه بأعيننا كالجبل الشامخ نرى عينيه الغاضبتين وملامحه السمراء التي تخبرنا كل تجعيدة فيها قصة أو حكاية عن مسيرة عمل وكفاح.. تحت هذه النظرات الصامتة التي نلمح فيها الحنان والعطف الذي يحاول أن يخفيها تظهر تلك الدمعة بين الحين والآخر
يبكى الرجال ربما فرحاً عند ولادة أول مولود لهم فشعورهم حينها لايوصف وكأن الكون أصبح بين أيديهم
تلمع هذه العيون بالدموع عندما يرونهم وهم يكبرون ويختارون طرق حياتهم و عند نجاحهم أو زفافهم و عند خروج ابنته من بيته ليزفها إلى بيت زوجها لطالما حلم بتلك اللحظة ولكن رحيلها من منزله كان الأكثر إيلاماً له وكأن جزءاً من جسده قد أُجتث منه .
هذه العيون تبكي عندما يلقى من أولاده كل العرفان والإخلاص و الخير ليكونوا هم العصا التي يتكىء عليها في كبره ويقول في نفسه الحمد لله لم تذهب تربيتنا سدىً وباللهجة العامية ” طمرت التربية فيهم وما عملوا فينا متل فلان شلحوه أولاده ” كم مؤلمة هذه العبارة والتي لا يشعر فيها الأبناء إلا عندما يصبحون هم الأباء والأمهات هي قصة دين ووفاء ولكن تختلف عند الأبوين لأنهم هم لا ينظرون على أنها دين وأنما هي حياة يمنحونها لأولادهم ولا ينتظرون منهم شيء .
هذه الأجفان تقطر حزناً أو ألماً و لكل منها حكاية مختلفة
لم أنسَ يوماً تلك الدمعة الصامتة التي رأيتها في عين والدي وهو يواري جسد شقيقي البكر متكئاً على عصاه محاولاً أن يعطينا القوة والصبر ..
أجل نرى هذه العيون المحمرة عند فقد الأحبة
يهتز ذلك الطود عندما يرى ألم ولده ولا يستطيع أن يشفيه أو يخفف من ذلك الوجع الذي يعاني منه
أجل يبكى الرجال عندما لا يجدون سبيلاً لتلبية حاجات أولادهم ويكاد ذلك الصوت يخرق قلبه قبل أذنيه ..( أنا جائع يا أبي )
يبكي الرجال عندما لا يجد ذلك الوفاء من أولاده ولا تمد له تلك اليد التي طالما أمسك بها ليكون هو معلمه الأول في المشي واللعب والحياة كي يستند عليها في شيخوخته
يبكى الرجال أجل عندما ينكره ولده ويخجل منه أمام أصدقائه…….
نعم تدمع هذه العيون عندما يضعه أولاده في بيت المسنين كي ينسوه أو يتناسوه
من قال أن الرجال لا يبكون أجل يبكون ولكنه بكاء من نوع آخر غير الذي نعرفه عندما يشعرون أنهم غرباء في أوطانهم أجل يبكون فالذي يبكي حينها ليست عيونهم فقط بل أرواحهم و قلوبهم وكل قطعة في أجسادهم هي التي تنزف ألماً .
Discussion about this post