واحة الصائمين
[ الحلقة الرابعة والعشرون ]
هل استشعرت روحانية. رمضان؟
قال الله تعالى:
“شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” (البقرة: 185)
رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام والشراب، بل هو رحلة روحية عظيمة تُحيي القلوب، وتُطهر النفوس، وتُقرب العبد من ربه.
ولكن، هل استشعرنا بالفعل هذه الروحانية العميقة؟
مفهوم روحانية رمضان:
روحانية رمضان لا تعني فقط الأجواء الإيمانية التي تملأ البيوت والمساجد، بل هي ذلك الشعور العميق بالسكون الداخلي، والخشوع في الصلاة، والتأثر عند سماع القرآن، والتلذذ بالدعاء والذكر.
هل أحسسنا بلذة العبادة كما لم نحس بها من قبل؟
هل شعرنا بحلاوة الصيام، وراحة النفس في طاعة الله؟
هل وجدنا أرواحنا تشتاق للمساجد، وتأنس في صلاة التراويح والتهجد؟
إذا كانت إجابتك “نعم”، فهنيئًا لك هذا النور الإيماني، ونسأل الله أن يديمه عليك.
وإن كانت إجابتك “لا”، فلا يزال لديك فرصة عظيمة فيما تبقى من أيام قليلة لتعويض ما فات!
لماذا يشعر البعض بروحانية رمضان أكثر من غيرهم؟
الإخلاص لله: كلما زاد إخلاص العبد في عبادته، زاد إحساسه بالسكينة والطمأنينة.
القرب من القرآن: فهو نور القلوب، وكلما تدبرناه، ازدادت قلوبنا حياة.
المحافظة على الصلوات والقيام: فهي أعظم أبواب القرب إلى الله.
الإحسان إلى الناس: فالتصدق، وكف الأذى، ومد يد العون، يزيد القلب نورًا.
التوبة والاستغفار: فمن أقبل على الله بقلب منيب، شعر بحلاوة القرب منه.
لماذا يفقد البعض هذا الشعور؟
الانشغال بالمظاهر: كأن يصبح رمضان موسمًا للأكل والسهر، بدلًا من الطاعة والخشوع.
العبادة بلا روح: كأن يؤديها الإنسان عادةً لا عبادة، دون تدبر أو خشوع.
قلة الذكر والقرآن: فالروح تحتاج إلى غذائها كما يحتاج الجسد إلى طعامه.
ضعف الإخلاص: فمن كانت عبادته للناس وليس لله، فقدَ لذتها وبركتها.
كيف نستعيد روحانية رمضان فيما تبقى منه؟
تكثيف العبادات: فلنضاعف جهودنا فيما تبقى، فالعبرة بالخواتيم.
الإكثار من الذكر والاستغفار: فالأيام الأخيرة من رمضان كنزٌ ثمين.
تحري ليلة القدر: فهي فرصة عظيمة لنيل الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
الخلوة مع الله بالدعاء: لنجعل لنا لحظات خاصة نناجي فيها ربنا بصدق.
إحياء الليل بالصلاة والقيام: فالقيام نور للقلوب، وسببٌ للثبات على الطاعة.
قال النبي ﷺ:
“من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه.”
(متفق عليه)
كيف نحافظ على روحانية رمضان بعد انتهائه؟
عدم العودة إلى الذنوب بعد رمضان: فالمؤمن الصادق يستمر في الطاعة طوال العام.
المحافظة على الصلاة والقرآن: لنجعل عبادات رمضان سلوكًا يوميًا في حياتنا.
صيام النوافل: مثل صيام الست من شوال، وصيام الاثنين والخميس، فهي امتدادٌ للصيام.
الإحسان إلى الناس: لنواصل البذل والعطاء، كما اعتدنا في رمضان.
دوام الاستغفار والذكر: فمن واظب عليه، وجد قلبه متعلقًا بالله دائمًا.
قال الحسن البصري:
“إن من علامات قبول الحسنة، الحسنة بعدها.”
رمضان ليس مجرد شهر، بل هو مدرسة عظيمة لتغيير القلوب، فهل استفدنا منها؟
وهل سنحافظ على هذا النور بعد رحيله؟
فلنجعل قلوبنا نابضة بروح رمضان طوال العام!
انتظرونا في الحلقة القادمة من “واحة الصائمين”!
ولا تنسوا أن تسألوا أنفسكم: هل استشعرنا حقًا روحانية رمضان؟
وكل عام وانتم بخير
Discussion about this post