سلسلة تسرد
لمحات من التَّاريخ الإنساني
بقلم/ د. دعاء محمود
اللُّواء الطَّيار أحمد صادق الجواهرجي
أحد الطَّيارين العظماء الذين كتب عنهم التَّاريخ، بطولات ملحمية في كل الحروب التي خاضها.
إلتحق الجواهجري بالكليه الجويه سنه 1960 , و تخرج في عمر العشرون سنة، كان الأول على الدُّفعة فى الطَّيران، والثَّانى فى التَّرتيب العام ( الدُّفعة 14 طيران )، تم توزيعه على تشكيلات القاذفات بعد ذلك.
والده صادق الجواهرجي أجد الطَّيارين العظماء في الجيش المصري.
خاض مع الجيش عدة حروب: حرب اليمن، النَّكسة، الاستنزاف، ثم حرب السَّادس من أكتوبر.
وكان له نعم الأثر في هذه الحرب، فقد دربه اللُّواء ( محمد حسني مبارك ) بنفسه آنذاك على استخدام أشرس الطائرات، ليثبت ببراعة أنه نعم الابن النَّجيب.
يوم الخميس 4 أكتوبر 1973 إستقل اللُّواء طيار حسنى مبارك قائد القوات الجوية الطَّائرة اليوشن من مطار ألماظة متجهًا إلى قاعدة غرب القاهرة الجوية الكيلو 40 طريق مصر إسكندرية الصحراوى، وأبلغ برج المراقبة أن يكون الرَّائد طيار أحمد صادق الجواهرجي فى انتظاره على الطَّائرة.
ولا يخفى علينا أن الجواهرجى هو أحد طيارى سرب TU 16؛ وهذة الطَّائرة قاذفة ثقيلة فى حجم الطائرة البوينج تحمل صاروخين أسفل الأجنحة الصَّاروخ يشبه الطَّائرة ميج 15 ويزن 3 طن.
توقع الجواهرجى أن والده اللُّواء طيار صادق الجواهرجى توفي، وجاء مبارك ليبلغه بنفسه. لأن والده كان قائد مبارك من قبل في القوات الجوية، وكانت تربطهم علاقة ودية.
وصل مبارك و أخذ الجواهرجى إلى أحد المكاتب و أغلقه عليهم و أبلغه أن بعد غد معركة التَّحرير، ورد الكرامة، ومطلوب منك تدمير مركز قيادة ( أم مرجم ) بوسط سيناء التَّابع للعدو الصِّهيوني.
سأله الرَّائد أحمد: هل سيكون معى مقاتلات لحمايتى ؟
أجابه مبارك: لا ستطلق صواريخك دون حماية لأن الطَّائرات كلها مشتركة في المعركة ومن الصَّعب توفير حماية.
أعطى مبارك للجواهرجى بعض الإرشادات و طلب منه بعد أن يقلع ألا يتجه إلى الجبهة مباشرة بل يتجه إلى وادى النَّطرون، ثم الصَّحراء الغربية للتمويه، وأن يحسب الوقت جيدًا لتكون صواريخه فى الهدف السَّاعة الثَّانية تمامًا،
وأبلغه أنه ليس أمامه سوي تنفيذ المهمة، وضرب مركز القيادة وفي حالة الفشل سوف يعود مرة أخري للتنفيذ في ظروف في منتهي الصُّعوبة لأن العدو سوف يكون جاهز في إستقباله وربما ضربه وإسقاطه بسهولة لكبر حجم طائرته.
وأضاف مبارك أنه بعد نجاحك في تنفيذ الضَّربة تعود علي القاهرة وتهبط في مطار القاهرة الدُّولي لأنك لن تستطيع الهبوط في أي مطار آخر ، ويجب أن تطير علي إرتفاع منخفص حتي لاتضربك الدِّفاعات الجوية قبل مطار القاهرة.
غادر مبارك، وجلس الجواهرجى أولًا مطمئنا لأن والده بخير، ثم جلس وحده يجهز الخطة لتنفيذ هدفه في سرية كاملة.
يوم السبت 6 أكتوبر كان يستعد الجواهرجي بطاقمه وعندما إقترب من الطَّائرة وجد المساعد ( تلاوي ) قائد الطَّاقم الأرضي الخاص بطائرته وعندما رأي الصَّاروخ المعلق أسفل جناح الطائرة؛ قام بأخذ قلم كان معلق في جيب ( أفارول ) تلاوي وقام بالكتابة عليه:
” وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي “
فتعجب تلاوي وسأله: لماذا هذه الآية الآن؟
فأجابه الجواهرجي: اليوم نضرب إسرائيل
لم يتمالك تلاوي نفسه وحضنه بقوة وقال له: ربنا معاكم، ينصركم يا فندم
فى تمام الثَّانية يوم 6 أكتوبر كانت صواريخ الجواهرجى وزميلة الرَّائد طيار ( طموم ) الذى أقلع بطائرة TU16 أخرى تضرب المركز بالأربعة صواريخ أي 12 طن متفجرات لتقتلع المركز من جذوره.
ثم نفذوا تعليمات العودة والهبوط في مطار القاهرة الدُّولي تحليقًا فوق شارع الهرم، ثم، علي مدرج جانبي في المطار وبالطَّبع كان الطَّيران علي إرتفاع منخفض جدًا فالرَّادارات الخاصة بمطار القاهرة الدُّولي لم ترصدهم، حتى أن برج المراقبة تفاجأ بهم أمامه فسألهم: من أنتم؟، وكيف وصلتم هنا؟….
فرد الجواهرجي: أغلق الإتصال نحن في حالة حرب.
كتب الله لنا النَّصر في هذه المعركة، بفضل منه، وتخطيط لا مثيل له وضربة قاتلة من القوات الجوية.
رحم الله اللواء أحمد صادق الجواهرجى الذى رحل عن دنيانا في ٢١ / ١ / ٢٠١٣ وأدخله فسيح جناته هو، وكل شهدائنا الأبطال.
الكاتبة الصحفية/ د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
Discussion about this post