يختفي في زحمة الحياة،
يمشي ولا تترك خطواته أثرًا،
كأنّه ظلٌ عابرٌ بين الأزمنة،
لا يراه أحد، لكنّه يرى كلّ شيء.
هو فكرةٌ ضائعةٌ بين الحروف،
لا يمكن القبض عليها،
ولا فهمها بالكامل.
يبحث عن الحقيقة
بين الكلمات الّتي لم تُقل،
وفي الفراغات الّتي تملأ الصّمت.
وحين يصمت العالم،
يولد في داخله يقينٌ جديد.
في عينيه، يلتقي الزّمنُ بنفسه،
وتتداخل الأبعاد في نقطةٍ غير مرئيًة.
لا يحتاج أن يُفسَّر ليكون،
ولا دليل يراه الآخرون.
وجوده ببساطة،
ليس بحاجةٍ إلى الاعتراف.
يعيش على حافة الهاوية،
كراقصٍ يتحدّى الفراغ،
خطوته ثابتة،
لكنّه لا ينتمي إلى الأرض.
في داخله، يسكن الكون كلّه،
لكن لا يطوّعه الزّمان ولا المكان.
لا يُقاس بمقاييس البشر،
يتجاوز مفهوم الإنسان.
هو الوجود الّذي يختبئ
في اللحظات الّتي تتجاوز الزّمن،
هو الحكاية الّتي تبدأ
عندما تنتهي كلّ الحكايات.
حين يرحل، لن يُدفن تحت تراب الزَمان،
بل سيبقى حيًّا
في وعي من بحثوا عنه يومًا،
في الكلمات الّتي لم تُكتب،
وفي الأسئلة الّتي لا إجابة لها.
هو رجلٌ مختلفٌ،
لا يركض خلف الحياة،
بل يجعلها تأتي إليه.
وفي النّهاية، حين يختفي تمامًا،
لن يكون غيابًا،
بل بدايةً أخرى
في مكانٍ لا يراه أحد،
لكن يش في عر به كلّ من تاهوا
بين الحلم والحقيقة.
سوسن العبد
Discussion about this post