د.كمال يونس يكتب:
تفوّق في دراسة الطّب ،كان من الأوائل ،عُيّن نائباً بأحد الأقسام ،أظهر تفوقاً ملحوظاً ساعده على الحصول على درجة الماجستير بتفوق ،كان يعمل بدأب وإصرارٍ واجتهاد بيد أنّ زملاءه كانوا يتعاملون معه بإزدراء، معظمهم من أولاد الأساتذة وهو صعيدي من أسرةٍ فقيرةٍ جداً ، نحيل خاصمت ملامحه الوسامة،تقدم للدّكتوراه وأرسبوه عدّة مرات ، ونجح زملاؤه من أول مرّة ،ولمَ لا وهم من ذوي الحسب والنّسب والقرابات أمّا هو فلا يمتلك غير علمه ؟!!!، استكتروا عليه أن يحصل مثلهم على الدّكتوراه، فهم يرونه في هيئة اجتماعية وشكلٍ لايسمحان له بأن يقترن إسمه بإسمهم كأعضاء في هيئة التّدريس،لم يتبقّ له غير فرصةٍ واحدةٍ من الخمس سنوات المدّة المحدّدة للحصول على الدّكتوراه، وبعدها سيحول لوظيفة إدارية في الجامعة ،التحدي الأكبر في الموافقة على مناقشة الرّسالة حتّى يتسنّى له دخول الإمتحان ،وقد ماطل المشرفون مطولا وكثيراً ، لم يشفع له تفوقه وكونه أبرعهم ، ترقّوا جميعاً وقبع في مكانه مرغماً وصاروا رؤساءه ،ماجعله يضع كل همه في عمله ، لا يحصل على عطلات إلاّ نادراً ، يرسل معظم راتبه لأهله ليستعينوا به على نفقات الحياة ، صار تواجده أحد علامات القسم يعتمد عليه، أو يستخدمه الجميع ، وعاد أحد الأساتذة الكبار من الخارج وهو أستاذ الجميع ليجده كما هو على حاله ،سأله عن خبره ليخبره والدّموع تنهمر من عينيه له من جور ، وتحرّى فِعلم طبقية الرّؤساء والزّملاء ، وأيقن مدى الظّلم الّذي تعرّض له و تجرّعه هذا الكفوء الّذي خاصمته الوسامة المنتمي لأسرة فقيرة في أقصى الصّعيد ، بسط الأستاذ ذو الأصل العريض سليل الحسب والنّسب والأخلاق عليه جناحه ، وأعلن ذلك ليتراجع الجميع وحدّد موعداّ لمناقشة الرّسالة ،في حضور والده ووالدته بملابسهم الرّيفية ،وسط صمتٍ جبريٍّ من ظالميه .
Discussion about this post