عندما سارع السّام معانقا روح أمي انقلبت الموازين والأحاسيس. أتذكر كل كلماتها وكل تصرفاتها معي بأدّق التفاصيل والمشاعر المخمليّة التي تعتريني وأنا بمعيتها
كانت تعطي بلا مقابل ولا ملل كأنها مصباح سحري. الملاذ الآمن من آلام الحياة ، تخفي الحزن والخوف وكل ما ينغّص الحياة من أجل أن نحظى بالأمان والهدوء أودعت من رحيق قلبها لبراعم قلوبنا الصّغيرة التي تمتلئ رجيفا ينقلب بعدها إلى وجيف الأمان والسكن.
نذرت لنا جلّ أوقاتها لا تكلّ ولا تملّ من توفير كل حاجياتنا، الوضيئة، الغانية، لا تستكين حتى ترى البسمة تجلّل وجوهنا.
جهاد من غير حابل ولا نابل وحدها الأم تستطيعه من جميع مناح الحياة تضيئ كشمعة وتقاتل الهموم كلبوة غاضبة لا يطأ عرينها الأذلّون، تمتطي بنا الأمل كفارس محنّك، درع فولاذي لبيتها وكينونتها . ولأنها تعلم أنّنا لم نصل إلى حنكتها وفينا من السّذاجة ما يكفي لنقَع في شرك الحياة تجد بعض النصائح قاسية جدّا يتخللها غضب وصراخ ، لكن لم يكن ذاك صراخها، كان صراخ الخوف الذّي فيها لأنّها تدرك مالا ندرك وأحاسيس الأمومة الجارفة التّي لا تستكين حتى يُجمع شمل العائلة ربّما هي نوع من العذاب العاطفي بالنسبة لها لأنّها تتميز بالحسّ اللّوذعي.
لذا تجدها في انتنظار المقبل والمدبر وتتأمل القابع حذاءها كأنه هو الوحيد الذي في مأمن من فضاعة الحياة وقسوتها
نعم إنها أمّي وأمّك وكل الأمّهات.
في علم الحياة هن مناهل
تحت أقدامهن باب الجنان
أحضانهن عراقة ومعالم
في شغافهن نهر من حنان
الكاتبة : حياة زايـدي
Discussion about this post