رسالة من امرأة مرهقة..
احرسني كما يحرس الرّجل كنزه الثّمين،
فأنا فاتنة جدًا!
وأنا أيضًا مُتعَبة ومُرهَقة للغاية.
لقد قَطَعَتُ الصّحراء سِيرًا على الأقدام،
دون قطرة ماء واحدة، ولا غيمةٍ أسيرُ تحت ظلّها.
وفي الليل، كان بُردُ الصّحراء يأكلُ أطرافي، ولا غطاءٌ يحمي قدمي من الغول الذي ينتظرني ليفتك بي بعد أن أنام.
كلّ الأيّام كانت حارّةً وجافةً،
وكذا الليالي كانت باردةً ومتجمدة.
وحين وصلت إليك، فصلني عنكَ بحرٌ كبيرٌ، وبعضُ بلادٍ بدت على الخريطةِ صغيرةً، وفي الحقيقةِ هي مساحاتٌ شاسعةٌ ومخيفةٌ.
وحين وصلتُ إليك، كانت البرودة قد بترت بعضَ أناملي،
وتقلّصت قدرتي على الكتابة،
كان البياضُ قد تسلّلَ إلى شعري الأسود، و كان الزّمانُ قد حفرَ مساراته على جبهتي،
كان الطّفلُ بداخلي يلفظُ أنفاسَهُ الأخيرة، و كانت الأنثى بداخلي تحتضر.
فهل بإمكانك أن تكون غيمةً؟
هل بإمكانك أن تحميني من الغول الّذي يتربّص بي كلّ ليلة؟
هل بإمكانك أن تعيد أناملي المبتورة
و تعيد لشعري سوادَهُ القاتم،
وأن تمحوَ مساراتِ الزّمانِ من جبهتي؟
هل بإمكانك أن تبعثَ الحياة في هذا الطّفلِ الّذي يحتضر بداخلي ،وأن تنفخَ الرّوحَ في أنوثتي المقهورة؟
وقبل كلّ هذا وبعده،
هل بإمكانك أن تعبرَ ذلكَ البحرَ الشّاسع، أن تلغي هذه المسافاتِ المخيفة،
وأن تحفظني ككنزٍ ثمينٍ مهما باعدت بيننا المسافات ومهما فرقّت بيننا السّنين؟
سما أحمد
من مجموعتها قيد الطباعة:
( رسائل لم تصل )
Discussion about this post