خطيئةُ الخيالِ
بقلم/ محب خيري الجمال
لا شيءَ هُنا يصلُح من حجارةِ الأرضِ،
لتسجيلِ المواعيدِ الغراميّةِ،
لا مجالَ للتورطِ في فتحِ نافذةٍ للعصافير
لتلتقطَ ما يسقطُ من جفافي،
جفّت دمائي من السّطرِ الأوّلِ،
يداي تغرفان الملحَ من بؤبؤ البحرِ
ولا تهتدي لغريقٍ،
أُكلّم النّاسَ رمزًا أو دون ذلك،
لا شيء يدلّ عليّ ولا عناقَ يدومُ،
أحومُ حولي بلا شارةٍ أو إشارةٍ
لا شيءَ هنا أدّخرُه لوردةِ الوقتِ،
لا فمَ هنا يضحكُ لعجينةِ القمحِ كسُنبلةٍ،
لا عطرَ هنا لامرأةٍ في غرفتي تثيرُ الطُّمأنينةَ في عروقي،
لا غرفةً مجاورةً تنقرُ الجُدران بنعومةٍ،
وتقول: – كيف حالُك يا رجل.. هل تناولتَ الدّواء اليومَ؟!
– لا تنسَ صلاة الغروبِ على أيّ حال،
– أشياءٌ صغيرةٌ تحدثُ بالخارج،
– اترك النّافذةَ مفتوحةً بعض الوقتِ،
– لا تنتقل بين الصّمتِ والذّكرياتِ،
– عليك أن تحبَّ يوم الثلاثاء
– لا تحدّث الأثاثَ كثيرًا مهما كانت الأسباب
إذا كنتَ تريدُ مثالًا على مصدر الصّوتِ…
لقد مضى الكلُّ إلي غايتِه وسبيله.
أحتشدُ بكامل رمادي
بلا حقيقةٍ أو معنى،
أقبضُ على خطيئةِ الخيالِ
بقشرةِ الخلقِ الأوّلِ ومقاماتِ الطّينِ
وسرّ الرّوحِ القدُس،
أصعدُ بمعراجِ النّبوّةِ تجتاحُني صهوةٌ من كأسٍ كان مِزاجُها كافورا،
أنا مأخوذٌ بهيام التّجلّي، لا أحد أمامي أو خلفي.
أدورُ في أنسجةِ الأفلاكِ ومقاصيرِ الوجدِ
كفضاءٍ من ثلجٍ وممرّاتِ العقيقِ وزبرجدة الدّهشةِ.
حيث لا سماء فوقي.
أطيرُ كريشةٍ سريعةٍ كخطفةِ البرقِ.
لا حاجبَ لها ولا مانعَ
تجري في بحرٍ بنعمةِ اللهِ.
لا شيءَ هنا، أتلصّصُ على بنتٍ افتراضيةٍ تُضفّرُ في سرّها غابةً من قصائد الرّوح، والبوح الكريم. تُشيّد وحدها أناشيدَ الحُبّ، تُشعل اسمها بالسّكاكين، وتزيّنُ الليلَ بوشمِ الحريقِ،
هأنذا أجلسُ كنقطةٍ خافتةٍ في ركنِ العالمِ الكسيحِ أستمعُ لنقر أصابعها، وهي تقطع فروتي في سرِّها، وأنا أمسي وأصبحُ عليها في قُدس الأقداسِ.
كنت أودّ أن أقولُ لها
“أحبّك يا….”!
فقط.. لو أملك جثّة صالحةً للمفاجآت لفعلت في الحال.
لو كان لي نصفُ ساقٍ تصلحُ لنبشِ الخطوةِ من وبرِ القلبِ
لكتبتُ لكِ كلّ يومٍ عن قلبي الّذي صارَ بُرجًا من يماماتٍ
كلّما قطعتُ شوطًا للأمامِ أصابهُ حُبّكِ باللعنةِ..
لو كان لي نصفُ لسانٍ كلسانِ الذّئبِ لترسّبَ حبّكِ في دمِى
دون ملاحقةٍ تُذكرُ من خيالِ النّصوصِ.
محب خيري الجمال
من مجموعة (حقيبة فارغة لكادح وحيد)
Discussion about this post