سلسة تسرد
التراث الشعبي في رمضان
بقلم/ د. دعاء محمود

السَّيدة زينب أحد الأحياء السَّكنية العتيقة في القاهرة، يعد حي السَّيدة زينب واحد من أهم الأحياء التي تتغنى فرحة بقدوم الشَّهر الفضيل، تتزين فيه الشَّوارع بأجمل الزِّينات، تستبشر الوجوه، وتعم البهجة في أرجاء الحي العتيق.
منذ بداية شهر شعبان، تبدأ المحال التُّجارية في شارع السَّد وحوله بعرض الفوانيس بمختلف أشكالها، من التقليدية المصنوعة من الصَّفيح والزُّجاج الملون إلى الحديثة المصنوعة من البلاستيك وتحمل شخصيات كرتونية محببة للأطفال. كما تنتشر الزِّينة الرَّمضانية المكونة من الخيامية الملونة التي تزين واجهات المحلات والمنازل، إلى جانب الأضواء المبهجة التي تتدلى من الشُّرفات والمحال، مما يمنح الشَّارع طابعًا احتفاليًا خاصًا.
كما تشتهر منطقة السَّيدة زينب بموائد الرَّحمن التي تُقام في الشَّهر الكريم، لكن الاستعدادات تبدأ قبل ذلك بأسابيع.
العديد من المتطوعين وأصحاب المحال يجهزون مستلزمات هذه الموائد، حيث يتم شراء كميات كبيرة من الأرز واللحوم والخضروات، بالإضافة إلى تمر هندي وقمر الدِّين والمشروبات الرَّمضانية التي تعد جزءًا أساسيًا من الإفطار المصري.
لا يمكن الحديث عن احتفالات ما قبل رمضان في السَّيدة زينب دون الإشارة إلى الأسواق التي تمتلئ بالمتسوقين الباحثين عن مستلزمات الشَّهر الفضيل. سوق “زقاق الحطابة” القريب من المسجد يعد من أشهر الأماكن التي يقصدها المواطنون لشراء التُّمور وياميش رمضان بأسعار تنافسية.
من مظاهر استقبال رمضان في السَّيدة زينب أيضًا انتشار محال الكنافة والقطايف، حيث يقف العمال أمام المواقد السَّاخنة لإعداد هذه الحلويات التَّقليدية التي لا تخلو منها موائد المصريين في الشَّهر الفضيل. تجد الطَّوابير الطَّويلة أمام تلك المحال، خاصة في السَّاعات المتأخرة من الليل، حيث يتسابق الأهالي لشراء ألذ الحلويات الطَّازجة.
تشتهر منطقة السَّيدة زينب بالمطاعم التي تقدم الأكلات الشَّعبية كالفول والطَّعمية، وهي أحد أشهر الأكلات التي يتناولها المصريون في سحور رمضان.
وتشتهر المنطقة بزخم المطاعم التي تقدم الأغذية المصرية التي يفطر عليها المصريون، مثل مطاعم الكباب، النيفا، والمشويات، والمأكولات الشَّعبية.
كما أن بها الكثير من المحلات التي تخطت المائة عام مثل محال العصائر، ومحال الزيوت، ومناطق بيع الجلود؛ لذا تكتظ السيدة زينب في رمضان بالنَّاس الذين يأتون من كل صوب يفطرون، يتجولون، ويبتاعون في جو مبهج جميل.
أما في ساحات مسجد السَّيدة زينب، فتشهد ليالي ما قبل رمضان حلقات للذكر والابتهالات التي يقدمها كبار المبتهلين والمنشدين، حيث يرددون المدائح النَّبوية والأدعية التي تهيئ القلوب لاستقبال الشَّهر الكريم، مما يضفي على الأجواء طابعًا روحانيًا فريدًا.
تظل منطقة السَّيدة زينب واحدة من أكثر الأماكن التي تعكس روح رمضان بمصر، حيث تجتمع العادات والتَّقاليد مع الأجواء الدِّينية والاجتماعية، لتقدم نموذجًا حقيقيًا لاحتفالات المصريين بهذا الشَّهر المبارك. ومع كل عام، يبقى مشهد السَّيدة زينب قبل رمضان صورة لا تُنسى، ترويها الشَّوارع والأزقة المليئة بالحياة، وتبقى محفورة في ذاكرة كل من يمر بها.
رمضان في بلادي غير كل البلاد
أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات.
الكاتبة الصحفية د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
Discussion about this post