لم أحتفظْ بصورةٍ لأبي حين رحل،
لكنّهُ تركَ لي وجهه،
مائلاً فوق كتفيّ
بلا برواز.
ثمّة صورةٌ ضخمةٌ تتوسّطُ بَهْوَ البيت،
لكنّ أمّي تفضّلُ
عينيّ؛
أقرفصُ خلفهما منذ سنوات
بينما أتركُ أبي يمرّ.
هذا هو بيتنا،
لا أجدُ فيه نفسي إلاّ قليلاً،
أسألُ أمّي عنّي
فتجيبُ بالرّحمة.
مع الوقت تحوّلَ جسدي إلى ألبوم،
يتصفّحهُ الجميعُ بحسرة:
“قدّاه توحّشناك يا سيدي فرج.”
أحيانًا أشكُّ بمن مات فينا حقًّا
إذا كان الجميعُ يُسلّمونَ عليّ
فإذا بأبي يردّ.
جرّبتُ مرارًا أن أقولَ مرحبًا بأصابعي،
لكنّ الجميعَ سمعَ
“اللهُ أكبر.”
في المدرسة،
يسألني المعلّمُ عن أبي
فأبسطُ له كفيَّ الاثنين
حتّى يراه.
و حين أتلقّى عليهما الضّرب،
أسترُ بكُمَّيَّ العجوز
الّذي لا يعرفُ مكانًا آخر
للبُكاء.
كم تمنّيتُ شتلتيْ قُرنفل
مكانَ ذراعيّ،
مِرَشًّا ربّما،
و جُمعةً لا تنتهي،
حتّى يجدَ أبي ما يشغلُ بهِ نفسه.
لا ألومُ يدَ الله
الّتي نحتت من الموتِ نسختين
كما لأبدو دومًا مُتلفّتةً نحو الدّاخل
و أنا قاصدةٌ عتبةَ الباب.
ستعرفُ يومًا ما
أنّ يداكَ ملكك،
و وجهكَ أيضًا،
إلى أن تُغيّرَ الجثثُ توابيتها.
هاجر الرقيق
Discussion about this post