العنوان “طفل القمر” يوحي منذ البداية بالغرابة والغموض، ويثير الفضول حول ماهيّة الطّفل وعلاقته بالقمر. يرمز القمر عادةً إلى العزلة، الحلم، والاختلاف، مما يعكس حالة الشّاعر أو الشّخصيّة المتحدّثة في القصيدة. كما يمكن أن يشير العنوان إلى متلازمة طفل القمر، وهي حالة وراثيّة نادرة تجعل المصابين بها شديديّ الحساسية للضوء، وهو ما توضحه الأبيات الأولى من القصيدة.
قراءة في المضمون:
تتحدّث القصيدة عن معاناة شخص يشعر بالعزلة بسبب ظروفه الخاصّة، والّتي تبدو وراثيّة (كما أشار في “جينات وراثيّة سدّت حلمي الموعود”). إنّه يعيش في عالم محدود، محجوب عن الشّمس، وكأنّه سجين في غرفته، بينما الآخرون لا يفهمون حالته بل ينظرون إليه بازدراء وجحود.
تأخذ القصيدة منحًى فلسفيًّا وتأمليًّا، حيث تتحوّل المعاناة إلى تحدٍّ وإصرار على التّميّز والتّفوّق، كما يظهر في البيت:
“أنا طفل القمر في النّهى سأسود”
وهذا يعكس رفض الاستسلام، بل السّعي للنجاح رغم الظّروف الصّعبة.
اللغة والصّور الشّعريّة:
تعتمد القصيدة على مفردات قويّة تعكس الألم والعزلة، مثل: مكسور الخاطر، قست الأفئدة، جحود، لكنّها في نفس الوقت لا تخلو من الأمل والتّفاؤل، كما في: تُغدق البشائر، بالأماني تجود، أشدو كمزامير داوود. وهذا المزج بين الحزن والأمل يعزّز من تأثير القصيدة على القارئ.
الإيقاع والأسلوب:
القصيدة تحمل نغمة حزينة في بدايتها، لكنّها تتصاعد إلى نبرة تحدٍّ وفخر. الإيقاع متوازن، مع استخدام السّجع والتّكرار ليضفي موسيقيّة على الأبيات، مثل:
“أبوابي موصدة وطريقي مفقود”
“عطر الياسمين أنثر وعبق الورود”.
نقول في الأخير :
القصيدة تحمل رسالة إنسانيّة عميقة، تدعو إلى تقبّل الاختلاف وعدم الحكم على الآخرين بجهل وقسوة. كما تبرز قوة الإرادة في مواجهة التّحدّيات، ممّا يجعلها قصيدة ملهمة تنطق بصوت من يعيش في الظّل لكنّه لا يفقد الأمل في إشراق نوره يومًا ما.
بقلم الكاتبة بشرى دلهوم/الجزائر
Discussion about this post