هكذا كنتُ لِأُحَدِّثَ نفسي كلَّ ليلةٍ وأنا أُدْرِكُ بأنّكِ تستلقينَ بجانب رَجُلٍ غريب
الآن
لم يَعُدْ هذا الرّحمُ الممزّقُ قادرًا على تغليفِ قلبكِ
ولا حبلَ ممتدٌ بين روحي وروحكِ
لا دِفْءَ
الأمور ليست بخير يا ابنتي
فَأُمُّكِ الّتي لم تلدكِ حزينةٌ أصلًا وقلِقة
بدون أن تكوني هنا تشفقُ عليكِ
بدون أن تعرفي مرارةَ الحياة بالنّسبة لأنثى
أمكِ تخشى عليكِ من قسوة الرّجال
هل هم رجال حقًا؟
وهل جميعهم هكذا؟
حسنٌ، كان هناك رجلٌ واحدٌ طيبٌ في حياتي كلِّها أو ربّما رجلان، أحدهما جدّي لأمي بالمناسبة، كان رجلَ دين، لكنّه وقف بوجه الدّين أحيانا حين كان الشّرعُ ضدّي، وقف إلى جانب الأنثى بلا تردّد
القصة عن جدنا الطّيّب هذا تطول يا صغيرتي، لنتركها إلى وقت آخر
لروحه الرّحمة
وَشكرا له
بل شكرًا للمصادفاتِ الّتي لم تُؤَدِّ إلى ميلادكِ
شكرًا لأنّكِ في أمانِ الله
أمانِ العدم
في كهفِ اللّاوُجودِ
هناك العالمُ يلوّحُ أكثرَ لُطْفًا مِنَ المَحاكمِ الذُّكوريّة
هناك يَدُ الأَبِ الأَعلى قُطنيّةٌ وَنَدِيّة
لا كَأَكُفِّ الرّجال على كوكبنا
أَكُفُّهُم السَّوْطية وهي تلسعُ الحُرّيّة
لم أكن لأقدر على دفع الأذى عنك وأنا بذاتي أرزح تحت أكداس من العباءات
فلأدفع القهر عن نفسي أوّلا
!
مهلا
الأمورُ الآن بخير
ويمكنني أن أنام
لأنّني لم أُنجب فتاةً يلاحقُها أبوها من أجل خصلةِ شَعرٍ
أو يعنِّفُها إخوتُها الثّلاثةُ من أجل نَهْدٍ تَكَوَّرَ أكثر من اللازم
أو من فتى خبيثٍ ينوي الأذى في آخر الشّارع
أو منّي أنا!!!
أنا الّتي لن ترضى بأن تُسَلِّمَ طفلتَها الحبيبةَ إلى رجلٍ غريبٍ في بيتِ عائلةٍ غريبة
كنتُ لِأُبْقِيَكِ معي
وأُجبِرَ الرّجلَ الّذي تختارينَ على العيش معنا تحتَ جناحي
كي لا تستلقي على سرير بعيد
هل تنامين مبتسمة بعد عناق
؟
أم تستسلمين للدمع تحت الوسائد
؟
هل خَدَّشَ قلبكِ بكلمةٍ أو نظرة
هل نسي أن يرتّقَ مساءكِ بِقُبلة
؟
ذلك الزّوج اللعين!
قد أقتله
لكن لا بأس
فأنتِ لستِ هُنا
والأمور بخير
نامي في حديقة الله الأولى
كي أنام
زينب هاشم شرف
البحرين
من مجموعة (أربعون وصية لابنتي التي لم تأتِ)
Discussion about this post