تونس العتيقة
مدينة تونس العتيقة تستعيد وهجها في ليالي رمضان
عروض فنية بين المسرح والموسيقى والإنشاد الصوفي والتراثي
في ليالي الشهر الكريم، تعود الحياة إلى مدينة تونس العتيقة، حيث تتزين أزقتها بالفوانيس الملونة وتعج مقاهيها بهواة تدخين الشيشة والسهر حتى موعد السحور، على خلاف باقي أيام السنة حين تنام المدينة باكرا.
فعودة الحركة خلال شهر رمضان إلى المدينة العتيقة تتجلى في تزايد السهرات الفنية التي تقيمها الفضاءات الثقافية بالمدينة في إطار البرنامج التنشيطي للمسلك السياحي الثقافي بمدينة تونس والذي تشرف عليه وزارة الثقافة التونسية خلال الشهر الكريم من كل سنة.
وتتوزع العروض الفنية بين المسرح والموسيقى والإنشاد الصوفي والتراثي إضافة إلى عروض سينمائية ومعارض للصناعات التقليدية، في فضاءات ثقافية تاريخية يعود حضورها إلى بدايات القرن العشرين كما كان لها دور في الحركة الوطنية خلال الاستعمار الفرنسي، كدار الجمعيات الطبية السليمانية والنادي الثقافي الطاهر الحداد وفضاء “العاشورية” و”بطحاء التريبنال” ودار الجدود.
وجه آخر من وجوه المدينة، هو محلاتها التجارية وأسواقها العتيقة التي تعود إلى 13 قرنا خلت، فالتجول داخل أزقة الأسواق الضيقة، يتحول خلال ليالي رمضان إلى رحلة في التاريخ، سوق “العطارين” المتخصص بيع العطور وأنواع العود والطيب المختلفة وسوق “البركة” المتخصص بيع الذهب والحلي بأنواعه المختلفة أما سوق “النحاس” فله من اسمه نصيب وافر حيث تباع فيه قطع فاخرة من النحاس المنقوش، اذ تعج المدينة بحوالي 40 سوقا تشمل تخصصاتها معظم النشاطات التجارية، بينها 26 سوقا مسقوفة، منها 16 سوقا بنيت حول جامع الزيتونة.
ولمدينة تونس العتيقة في رمضان، طابع روحي عميق، حيث تنتشر في أزقة المدينة العشرات من مقامات الأولياء الصالحين والزوايا الصوفية الحافلة بمواكب الإنشاد الديني والصوفي ومجالس الذكر، أشهرها زاوية سيد إبراهيم الرياحي مفتي تونس الأسبق وزاوية الشيخ محرز بن خلف في منطقة الحلفاوين ومقام سيدي بن عروس بالقرب من جامع الزيتونة، يتحلق فيها المريدون للإنشاد والذكر وتزدان موائدها بالحلويات الشعبية والأطباق الشهية لعابري السبيل والفقراء.
أما مقاهي المدينة، فتزدحم بروادها خاصة بعد الفراغ من صلاة التراويح، حيث يقبل التونسيون بشراهة على تدخين الشيشة وشراب الشاي الأخضر بالنعناع والقهوة العربية التي تطهى على الفحم، خاصة في مقهى سوق الشواشين ذائعة الصيت والتي يعود تأسيسها إلى نهاية القرن التاسع عشر، فهي قبلة أهل الفن والثقافة والأدب خلال ليالي الشهر الكريم.
يذكر أن مدينة تونس العتيقة هي الجزء العتيق من مدينة تونس، تأسست عام 698 م حول جامع الزيتونة، وصُنفت منذ عام 1979 ضمن لائحة مواقع التراث العالمي لليونسكو، وتمتد المدينة على ثلاث كيلومترات فوق ربوة مطلة على البحر، من باب الفلة وباب عليوة من الجهة الجنوبية، إلى باب سعدون في الجهة الشمالية، وباب العلوج من الجهة الغربية، وباب البحر شرقا.
من الأنترنت بتصرف
Discussion about this post