جعلتُ حياتي
تندبُ مرّة و تغني ثملة مرّة أخرى،
جعلتها مرّة تعرج
ومرّة تحثُّ الخطى كناقة،
مرة تقول شيئاً جليّاً
ومرة تتمتمُ ملتبسةً،
مرة أوقفها في المنتصف
ومرة كنت أكتفي بمراقبتها عن كثب..
جعلتُ حياتي تتمرّنُ
على نسيان شيء ما
جعلتها يوماً بعد يوم تهزأ بالموت.
****
شيء مذهل حين يتعرّف المرء
على شريكة بسبب خطأ لغويّ.
تخطئ امرأة
برفع الفاعل
فيصحّح لها الرجلُ:
هذا جمع مذكر سالم يرفع بالواو..
-أليس الواو للعطف؟
تردّ الحسناءُ جهلاً أو غنجاً
-بلى لكن ليست هذه الواو نفسها.
شيء مذهل أن ترفع
المرأة كلمة يد أو ذراع
مع أنّهما في الجملة
منصوبتان
لكنّهما كانتا مرفوعتين
إلى الأبد.
****
أعدت ثلاث مرّات
مقطعاً شعرياً عن سقوط غرناطة.
فائدة التّاريخ
إنّه يدفع النّاس للتأوّه
أو للضحك بنزق
للجري أو للاكتفاء بإغماض العينين..
فائدة التّاريخ
إنّه يشجّع المدن التراجيديّة
على تذكّر بغداد.
****
أصحّح أشعاري وأنا ذاهب
إلى العمل، أغيّر مصير كلمة
و أنتقم من مشهد أمضيت شهوراً
وأنا أجده عاديّاً.
يغفل الشّاعر أحياناً
عن الاهتمام بصحّة قصيدته،
دون تعديل
يقرأها مرّة تلو مرّة
فتتعرّض للتلف.
****
الوزن والقافية
كم دار حولهما من نقاش في حانة
بين شاعرين عراقيين
ظنّ أحدهما أنّ العالم سيولي الشّعر
الاهتمام الّذي يستحقّه.
لأيّ قدر سيشعر بالخزي
حتّى المعري و لوركا
و أبو نواس.
لأي قدر ستُستسَهلّ الموهبة
حين يشتهر مسابقو الدّراجات النّاريّة
و يضيع الشّعراء.
****
يحبس الليل النّجوم
ببحيرة راكدة،
يجيء الحالمون بالصّور الشّعريّة
و يفرغونها من الماء..
شعراء العصور الحجريّة
والآن،
من ارتدوا الخيش
ومن ارتدوا الملابس الرّسميّة،
الجميع
لن يبقى في أشعارهم دم
إن ابتكر الإنسان المهووس
بديلاً لظلام الليل.
****
سوف يرهن المرء
بلاده مقابل أن يشتري بيتاً وإن
من دون أثاث
وحين يعجز عن تسديد قيمته
بالكامل
يجيء البائع مهدداً المسكين
بمصادرة بلاده.
سوف يقبل المرء
دون مشاورة أهله..
البرجوازيون يدهشون النّاس حين يحبّون
أوطانهم،
البرجوازيون ممّن لا يعني لديهم الشّعور
بالوحدة إخلاءً للبيت.
****
مِن حق مَن لم يبق
سوى القليل من حياته أن يواعد
نساء عديدات في الآن نفسه،
أن يشعل الشّموع هنا
ويطفئها هناك،
أن يثمل في بلد و يفيق في بلد ثان..
الفائض من الوقت
لا ينبغي أن يتلف دون عناية
و النّسوة هن الأجدر
في إنفاق الأيام.
****
دفعني أبي لأكون صلباً
أمّي لأكون مرناً،
رفاقي لأبدو متماسكاً،
شريكتي في الخبز والفراش بضع ليال
لأكون دائم الحذر،
زوجتي لأصير مهادناً
ابنتاي إحداهما
طلبت منّي أن أحبّها
زيادة، فيما الثّانية ما تزال صامتة..
دفعني وجه بغداد الأليف
لأغسله بفجائع مدن أخرى.
عامر الطيب
Discussion about this post