سلسلة تسرد
التراث الشعبي في رمضان
بقلم/ د. دعاء محمود
المطرية هو أحد أعرق أحياء القاهرة، ويعتبر من أقدم المدن المصرية، شهد مراحل تاريخية فارقة، تعدد تأثيره سواء في التَّاريخ المصريّ أو التَّاريخ الدِّيني للعالم، بلغ عدد سكانها 650,511 نسمة وذلك حسب إحصائيات سنة 2024.
يذهب بعض المؤرخين إلى أنًَ أصل تسميته بهذا الاسم يرجع إلى كلمة مطر باللاتينية Mattar وهي تعني الأم، وذلك لمرور السيدة مريم العذراء فيه ولوجود شجرة السَّيدة العذراء في المنطقة.
وقد ارتبط حى المطرية برحلة العائلة المقدسة، ويوجد بها بئر السَّيدة العذراء، شهد أقدم دلائل وجود الحضارة المصرية القديمة، ممثلةً في بقايا مدينة أون، عاصمة عصر ما قبل الأسرات، فالمطرية مدينة الرَّب والعلم عند الفراعنة، الرَّب لأنها كان تضم مركز عبادة الشَّمس، والعلم لأنها ضمت مكتبات الفلاسفة وعلماء الفلك والرِّياضيات، إضافة إلى وجود جامعة أون التى تأسست منذ نحو 5000 سنة ، بالإضافة إلى ارتباط اسمها الفرعوني بقصة خروج النَّبي موسى من مصر .
وقد ذكرها ( الإدريسي ) في كتابه ( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ) ضمن محطات السَّير من مصر إلى مكة. كما ذكرها ( ياقوت الحموي ) في كتابه معجم البلدان، فقال: «المطرية من قرى مصر عندها الموضع الذي به شجر البلسان الذي يستخرج منه الدُّهن فيها والخاصية في البئر، يُقال إن المسيح اغتسل فيها» كما ذكرها ابن مماتي عندما أحصى قرى أعمال الشَّرقية بعد الروك الصلاحي. كما ذكرها ابن الجيعان في كتابه «التُّحفة السَّنية بأسماء البلاد المصرية» الذي أحصى فيه قُرى أعمال ضواحي القاهرة بعد الروك النَّاصري. في سنة 1991م، وتم تأسيس حي المطرية كأحد أحياء شرق القاهرة بعد فصله عن حي شرق القاهرة.
ومن العادات الشَّعبية في رمضان والتي أضافت لمسة جمالية، وطابع إنساني تكافلي في منطقة المطرية منذ عشر سنوات وحتى الآن؛ قيام أهالى المنطقة بتنظيم إفطار جماعي وقد أطلقوا عليه ( إفطار المطرية)
هذا الإفطار الجماعي يضم أكثر من 10 آلاف صائم، ويتم إقامته يوم 15 من شهر رمضان كل عام، ويعد أكبر إفطار جماعي في مصر، ويتداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي مقاطع فيديو ومجموعة من الصُّور لحفل إفطار المطرية الشَّعبي من كل عام.
ويشارك في تجهيز إفطار «المطرية» الجماعي أهالي وسكان منطقة المطرية، حيث يتم توزيع الأدوار على عشرات الشَّباب والسَّيدات من سكان الحي، في حالة من السَّعادة والبهجة، بجانب اشتراك كبار السِّن في تجهيز هذا الإفطار الكبير، بالإضافة إلى مشاركة الأسر المسيحية في تجهيز الإفطار، في رسالة مهمة لإظهار الوحدة بين المسلمين والمسيحيين في الدَّولة المصرية.
ويشارك في حفل إفطار «المطرية» الجماعي العديد من السفراء والوزراء ومن لهم الصدارة في حي المطرية، ومن العادات المهمة التي تصاحب الإفطار يحرص الأهالي منذ بداية شهر رمضان على الرَّسم على جدران منازل «عزبة حمادة» التي ترحب بالمشاركين في إفطار 15 رمضان، ويقومون بالكتابة عليها، وتلوينها، وتزيينها في جو يشع ألفة وسعادة.
ومن العبارات التي كتبت في الأعوام السابقة: «رمضان في المطرية حاجة تانية»، «المطرية مفيهاش إيد غريبة»، «يا أهلًا بزوار المطرية الكرام»، كما اعتادوا تعليق صورًا لعدد من الرَّاحلين الذين شاركوا في موائد الأعوام الماضية.
أدام الله لنا الأفراح والعادات الجميلة التي تقر أن -رمضان في مصر حاجة تانية-
بقلم/ الكاتبة الصحفية
د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
Discussion about this post