ونحن،
الّذين لا نجيد الحزن،
ولا البكاء.
حين يُعتم اللَّيل في قلوبنا
نقول : هذه أعراض مرضٍ ما؛
مرضٌ في القلب ربّما، في الرّئة.. زكامٌ،
أو حمّى مُفرطة، أو أيّ شيءٍ ٱخر…
لكنّ الحزن! نحن لا نحزن.
وحين ينظر أحدهم لعيوننا
يلمح سواداً
يسأل: هل أنتم حزانى؟
ولأنّنا لم نتعلم كيف يحزن المرءُ
ولم يلقِّنونا في المدارسِ
الطّريقة المثلى لنعبِّر فيها عن أحزاننا.
نجيب: هذه بُقعة خوفٍ
سقطت سهواً عن مِحبرة اللَّيل.
وحين نمشي
تظهر أجسادنا مقوّسةً.
ومن يرافقوننا يُنبهوننا أنّنا على وشك
السُّقوط.
ونحن لم نشخ بعدُ
لم تحتَّل التّجاعيدُ وجوهنا
—لكنّها، نصبت شِراكها في قلوبنا—
نعدِّل قاماتنا؛
مستقيمةً
وجوهنا تنظر إلى الأمام، كالسِّهامْ.
غير أنّنا سرعانَ ما نعود إلى هيئتنا
إلى خوفنا…
إلى حزننا.
فكيف يمكننا أن نُخفي هذه الأحزان
الّتي في جوفنا،
وهي كلّ حينٍ تتراكض هائجةً كقطعانِ ثيران؟
مرّةً جاءني الحزن غامضاً؛
إذ احتلّ مرايا البيت
وكلّما حدَّقت في إحداها
وجدت وجهي مليئاً بالكدمات.
— يقولون أنّ الحُزن ينهض ليلاً
يغادر القلب ويوجّه ضرباتٍ موجعةً
لأجسادنا، ثم يعود إلى وكره—
ولأمنع الشَّك قلت في وجلٍ:
هذه خدوشٌ في المرآة…
هذه خدوشٌ في المرآة ليست في وجهي!
ومرّة جاءني واضحاً؛
إذ ركن إلى الزَّوايا
وكلما حدَّقت فيها، لمحتُ:
وجهاً شاحباً..
عينانِ يغشاهما السَّوادْ.
قلتُ: قطٌ مشرّد دخل البيت ذات صُدفة
أو ربّما ضوءٌ انعكس على الجدار.
مازلت إلى اليوم
كلّما ارتعدت نبضاتُ قلبي
أقول: هذا ليس حزناً…
أنا لا أحزن،
هذه جلطةٌ خفيفة،
أو أنّ القلبَ، قلبي؛ يدرِّب نفسه على الشَّيخوخة.
نور الدين كويحيا
المغرب.
Discussion about this post