لا تكفُّ عن النّظر إليّ
أخجل أنا دوماً منها…
وأتوارى
في غابة الرّيح..
خلف الشّجرة اليابسة الّتي قطعناها العام الماضي ومازالت رائحة نشارتها تنزّ تحت عشب النّسيان.
خلف كلّ شرائط الحرير الورديّة اللون، المتضامنة مع المصابات بسرطان الثّدي في جميع أيام شهر تشرين الأوّل، ومع جميع المتألّمين جميع أنواع الآلام .. جميع الأيام.
خلفَ صدى أصوات أوّل الرّيح وعاصف المطر المتساقط في ثاني تشرين على أسطح التّوتياء لمنازل منسيّة بعيدة عن الأضواء والنّظر .
خلفَ أهازيج غريبة تعبر سهل البقاع صوبَ خيام الغجر الحرّة الملوّنة القريبة من قريتنا البعيدة عنّي والنّازحة دوماً مثلي نحو الفجر، والّتي لا أعرف ما هي، وما الّذي ذكّرني بها هنا الآن.
خلفَ صفير قطار العمر يعبر هارباً ولو من نفقٍ تحت مياه المحيط الأطلسي أو من تحت مياه نهر “الهدسون” يبحث عنك في “منهاتن”.
خلفَ موسيقى حبّ عنيفة خطرت للتوّ في بالي -من على شرفة منزل صديقي الّذي اخترته أخاً لي من غير أمّي في مدينة “نيويورك”- ومضت سريعاً كجوابٍ خاطىءٍ لغير هذا السّؤال الّذي يمرّ في بالي ولن أسأله أبداً لكم.
خلف شمس الخريف الوادعة الهادئة المسافرة دوماً في روحي وجسدي بسلام نحو منامات الليل الّتي لا أراها، لأنّي ببساطةٍ لا أنام.
خلف غيمة حكيمةٍ عابرة لفّت بجنونٍ نجمةً وقمراً بآن، بعيداً عن كلّ الأعين وعن محاكمات المبشّرين وتحذيرات البشر الّتي من الممكن أن تكون.. وتكون.
خلفَ بلدٍ بعيدٍ جدّاً، وقريبٍ جدّاً جدّاً، يرتعش من نشوة حبًّ أزليٍّ -أو هكذا يُفترض له- نما وانتهى في ظلال الحرب دون أن ينتبه له أحد!
خلفَ لقاءاتنا الّتي لا تحدث أبداً لأسبابٍ كثيرةٍ لا أذكر ما هي الآن!
أخجل دوماً أنا -خلافاً لنساء اليوم- وأتوارى خلف أيّ شيء أفكّر به حيثُ أنت؛
عينُ الكون
عيني
وعينُ الزّمان
عفاف إبراهيم…. سورية
Discussion about this post