في يوم ما …
قررت الشمس أن تمنح عصفوراً ملوناً قربها …
كان نورها بصيرته ، وكانت أشعتها تشعل قلبه …
وكان يطير في فلكها سعيداً فخوراً مختالاً …
متعالياً على جميع الطيور من حوله …
كانت تخاف عليه … فهو مصطفاها …
تخاف عليه حتى من نفسها ، حتى من أشعتها …
فهي الشمس …
فأخذت تتخلى عن ضيائها شيئاً فشيئاً لأجله …
ودون علم منه … راحت تتأخر عن لحظات الشروق ، وتسبّق موعد الغروب
لتدخل هي في ليل أطول …
إلى أن اهتزت موازين الكون واعترضت سائر المخلوقات
لكنها… لم ترهم … ولم تسمعهم
ولم تأبه إلا لحال ذلك العصفور ذي الريش الجميل …
ومع مرور الأيام وعندما بات قرب الشمس أمرا سهلا وعاديا بالنسبة للعصفور …
أخذ … يعاتبها على ضوئها … الذي لما رآه أعماه ….
وعلى دفئها الذي لما لامسه احرقه …
وأخذ يحكي لها عن شكل الضوء وحِزم الأشعة وذرات النور …. قطرها وكتلتها
فهو لم يعد يرى الشمس نجماً …
فالشموس كثيرة ياشمس …
وما أنت إلا كويكب في مجرة …
وما أنت الا نتيجة انفجار كوني …
لم تصدق … صُدمت فصمتت …
لملمت ضوءها بين ضلوعها … وانكفأت ….
فهي الشمس …
ولا الشمس ينبغي لها أن تصطفي العصفور
ولا العصفور أدرك قرب الشمس
وحينها فقط أدركت …
أن بينهما سنينا ضوئية … وحسية …
خرج عصفور من الجنة منتصراً منتشيا ناسياً ظالماً
ونزل الأرض ناكراً منتقماً ظاناً أنه الحق …
ووقف معاكساً للشمس ولكنه مازال في حزمة ضوئها الشديد حتى تراءى له ظله منها كطاووس منفوش الريش يحجب عن عينيه البصر وعن قلبه البصيرة…
وليس أمام عينيه على الأرض … إلّا الظل الذي أراده …
أمّا شمس …
اتخذت من الغيوم درعاً تحمي نفسها به
من وحش العصفور الصغير
واختبأت حتى لايراها أحد …
وبكت شمس … بكت كتيرا …
حتى حل الليل في عينيها …
ورغم ندوبها … كان عليها
أن تعلن للخليقة صباح غد …
أنه الغد …
فهي الشمس …
Sulaf Fawakherji
سلاف فواخرجي … سورية
Discussion about this post