قصة قصيرة
بقلم جمال كاروكار
نجم البحر لا يموت
كانت الأمواج تتكسر على الشاطئ بخفة، تهمس للرمال بحكاياتها القديمة، تبوح بما حملته عبر الزمن. على امتداد الساحل، كانت نجوم البحر ممددة بصمت، بعضها يغرق في الرمل، وبعضها تلمع أطرافه تحت أشعة الشمس المائلة.
وقف الصبي يتأمل المشهد، عيناه تبحثان عن شيء لا يعرفه تمامًا، حتى وقعتا على نجم بحر صغير. كان جسده ملتوياً قليلاً، إحدى أذرعه مبتورة، لكن قلبه لا يزال ينبض بين أصابعه الصغيرة.
ركض إلى جده الجالس تحت ظل قارب متهالك، كانت يداه تجدفان في الهواء كمن لا يزال يبحر في ذاكرة بعيدة. رفع الصبي النجم وقال:
“انظر، لقد فقد ذراعه! هل سيموت؟”
نظر الجد إليه طويلاً، كأن السؤال حمله إلى أماكن لم تطأها قدماه منذ سنين، ثم قال بصوت يشبه هدير البحر عند الغروب:
“نجم البحر لا يموت، حتى لو قطعوه، يعود بأذرع جديدة… البحر يعرف أبناءه، لكنه يمتحنهم أيضًا.”
لم يفهم الصبي تمامًا، لكنه شعر بشيء يتحرك في صدره، شيء يشبه حنينًا غامضًا لمكان لم يزره من قبل. شد قبضته على النجم، كأنه يمسك سرًا لم يكتشفه بعد، ثم اندفع نحو الماء. رفع ذراعه عاليًا، ألقاه في قلب الموج، فابتلعته المياه كأنها كانت تنتظره.
وقف يتأمل البحر وهو يستعيد أبناءه، ثم التفت إلى جده وسأله:
“هل سيعود؟”
ابتسم العجوز، وعيناه تلمعان كمن رأى المعجزة مرارًا:
“سيعود يا بني… ربما ليس اليوم، ولا غدًا، لكنه سيعود، بحلم جديد، بجسد أقوى.”
في الأفق، كانت الشمس تغرق بهدوء، لكن البحر ظل يقظًا، يعد نجومه واحدًا واحدًا، منتظرًا لحظة العودة.
Discussion about this post