بقلم … حيدر غراس
أسمعُ، أرى، أتكلَّمُ
……… ١
لستُ أستاذاً لأحدٍ
لم يكنْ أحدٌ يوماً أستاذًا لي
لم يطرقْ بابي ساعي بريدِ السَّماء
ليتركَ رسائِلَهُ الخضراءَ على بابي
كلُّ ما وجدتُ فتافيتَ سمراءَ
نثرتْها رياحُ الجنوبِ على أعتابي
لم تقبِّلْني امرأةٌ بشفّةٍ حمراءَ
لم تُهدِني وردةً ولو مجفَّفةً بوسطِ كتابي
أعوامي الخمسين محضُ كذبةِ تاريخٍ دُوِّنَ بمياهِ سرابٍ
أسمعُ من قال لا؛
ليأتيَ معي، نسمعُ جَلبةَ الطُّلاَّبِ
ضحكاتُهم الملساءُ خارجَ نطاقِ الدَّرس، ضمن نطاقِ منهجِ الإملاءِ
قد؛
تكونُ للضرورةِ أحكامُها كما قيل
لم أجدْها، كلَّما دقَّ جرسُ الحصَّةِ، بدعوى فِرقَةِ الأحبابِ
أرى هذا النّصَّ مزوراً حدَّ وشالةِ الكأس، وإلاَّ ماذا تشعرون؟
حين تقرأون لكاتبٍ يدَّعي البطولةَ بسيفِ ورقٍ وقلمِ دواةٍ
حبرُه كُحلُ غجريةٍ تقاسمتْها أعينُ اللصوصِ عندَ خيمةِ الأصحاب؟
أليس كلٌّ يبكي على ليلاه
ما بها ليلى تقضي حاجتَها ثلاثاً كلَّما عوى ذئبُ الحقيقةِ
عند كوخِها المنسيِّ مذ الفِ خطابٍ
الفأسُ اكذوبةُ النَّجارِ
بريءٌ من وزرِ أشجارِه الحطَّابُ
أسلافُنا(طز) بهم،
و(طز) بك أيّها المتعارضُ على قولتي حين تظنُّ الأمرَ (بربكة)
كسبّاح لايدركُ( صيهوده) من (خنياب)
….. ٢
الصّباحاتُ اليابسةِ، تفتِّتُ خيوطَ الشَّمسِ تذروها نتفاً باليةً
تسحقُ آخرَ صيحاتِ الموضة قربَ مساطرِ عملِ الرَّصيفِ العاطلِ
تتلاشى بين صيحاتِ باعةِ الفجلِ وعرباتِ اسطواناتِ النَّار
تهادنُ النُّورَ بحلمٍ،
تدَّعي الكياسةَ بأملٍ لغدٍ ساربٍ
قد؛
لا أملكُ فراسةَ ضفدعِ النَّهر
لكن لم أكنْ عرّافةَ حفلٍ يجيدُ فنَّ النّقيقِ بدربة قصيدةٍ عابرةٍ
التّصفيقُ أكل سلاماتها بشهوةٍ دابقةٍ
قد؛
لا أخلصُ لأحدٍ لا يشغلُني الأحدُ
منشغلٌ بخداعِ أشيائي
أشيائي الّتي أخدعُها،( أخادعها)
لا تعِ شيئاً من قولي، كوني لا أحبّها يوماً، يقيناً لا تحبُّني
اضربْ مثلاً، وليس مثالًا كي لايتشدَّقَ أحدُهم:
عيناي الواسعتان كانتا محطَّ أنظار معلّمتي، حين تقولُ لي:
ارمِ القلمَ من يدِك وانظرْ إليَّ..!
……. ٣
وأنت تسكبين الحليبَ دفعةً واحدةً في طاسةِ الشِّعرِ، هل فاتكِ أنّ الكثيرين خلفَ النَوافذِ الباردةِ للآن لم يبلغوا الفطام.
ألم تدركي أنّ أقراصَ قصيدتِك تأخذُ مفعولَها السِّحريَّ منذ أن ابتلعَها الليَّلُ دفعةً واحدةً ليتوه النّهارُ بين أسلاكِ الشَّمسِ المدبَّبةِ حتّى هذه اللحظةِ السّاربةِ
من علَّمَ ضفائِرَكِ الشِّعر، كيف لم يهتدِ إليها مقصُّ الرَّقيبِ ليزرعَ خصلاتِها في صحراءِ كتابِه الأجوفِ
في المرَّةِ الأولى حين رسمتِ بقلمِ الفحمِ وردةً وقلتِ لي،
اشتمَّ عطرَها، تنحَّيتُ هارباً
في المرَّة الثّانيةِ حين رسمتِها
أدركتُ أنّ في الحبِّ لا أحد مثلي.!
…
بقلم … حيدر غراس
العراق
Discussion about this post