ومضات من فكر ووجدان: عندما تحتضر أفكاري.
أحيانًا ألمح الفكرة وهي تتشكّل في أعماقي كشعلةٍ خافتةٍ. تتأرجح بين الحياة والموت أشعر بها كظلٍّ هاربٍ يقف على حافّة الوجود. يبحث عن يدٍ تمسكه قبل أن يذوب في زحام الأفكار المتصارعة أنصت إلى أنفاسها المتقطّعة وكأنّها تختنق تحت وطأة الفراغ الّذي يحيط بها. أتذكّر كلمات الأستاذ: “رتّبوا أفكاركم”. لكن أفكاري تتحوّل إلى سحبٍ كثيفةٍ أو خيوطٍ متشابكةٍ يصعب عليّ فكّها أو تنظيمها. وعندما لا تطيعني أشعر بالارتباك وكأنّني أسبح في بحرٍ من الضّباب لكنّني أتذكّر أنّ هذا جزءٌ من طبيعة الفكر مع كلّ ما يحمله قلبي من ألمٍ ووهن. فأحاول تقسيمها إلى أجزاء أصغر أو كتابتها كأنّني أنحتُها من حجرٍ صلبٍ لتظهر بشكلها الحقيقي كلّ ما أ ريده ألّا أسمح لها أن تسيطر عليّ بل أتعامل معها بتركيزٍ وهدوء، فالفكرة تموت إذا لم تُعطَ فرصةً لترى النّور سأحاول مرّة أخرى إنقاذ فكرتي من الغرق خائفةً أن تفلت منّي كالماء بين الأصابع تاركةً إياي في حالةٍ من الشّجن والضّياع.
في لحظات أتركها لأراها من بعيد كيف تتقلّب بين الواقع والأمل بين الرّغبة والعجز وقلمي يئنّ فيصبح حارسًا لها وهي تحتضر أشعر بها وكأنّها تبحث عن صوتٍ ينقذها من الغياب أتساءل: كيف لها أن تموت قبل أن تولد؟
أفكاري عنيدةٌ وبريئةٌ تبدأ كشيءٍ غامضٍ غير مكتمل وعندما أحاول الإمساك بها تفرّ مني فأعيد المحاولة لكنّها محاولاتٌ متعثرةٌ مليئةٌ بالشّجن أفكاري مشاكسةٌ تراودني ثمّ تتركني وحيدة .
أخيرا أتركها و أراقب السّكون فأذبل في صمت وأمسك قلمي أحاول كتابتها أجمع حروفي لعلّها تصاحبني ولا تسقط منّي فأبقى وحيدة في مواجهة الفراغ الوجودي الّذي يبتلع كلّ شيء أو ربّما القدر جعلها تتهاوى ..وعندها تذكّرت قول الشّاعر “حالت لفقدكم أيّامنا فغدت ….سوداً وكانت بكم بيضًا ليالينا”…وانتزعت افكاري .
د/آمال بوحرب
تونس
Discussion about this post