بقلم د بوخالفة كريم -الجزائر
جوابي المُختصر على رجاءِ صديق ، أرسل َ إليّ مُلحاً، أنْ أكتبَ له شئياً بسيطاً منْ التفكير لدي، في حالِ ” التفاهة” وظروف منعها، وسُبل مُحاربتها الأخيرة .. قلتُ له -وأنا لا رغبة عندي في الكلام أو الإجابة :
الحق ، أنا أرى في حال ” التفاهة ” مُعضلة حقيقية ،
أنْ انتَ وقفتَ في وجهها طَمَرتكَ، وانْ انتَ سمحتَ لها بالمسير نشرَتكْ.
بمعنى آخر ، أن مُعضلة ” التّفاهة – بشكلٍ عامٍ – تكمنُ في أنكَ إذا منَعتها ..
أثرتَ فضولَ عامّة الناس، الى السؤالِ عَنها و مَعرفتها ، والتعرّف عليها ،
بما في ذلك خصومها الألداء من الأفهام الخاصة,
فتنتشر – وقتئذٍ – بسرعةٍ هائلةٍ، بفضل أعدائها ، لا بجهد أتباعها.
وإذا أنتَ سمحتَ لها بحرّية الحضور، و النشور، و حقّ التعبير عن ذاتها .. واعتمدتَ فقط ، على المبدأ الاقتصادي..
” البضاعة الجيدة تطردُ البضاعةَ الرّخيصة .
ثم وقفتَ أمام حانوت الزمن مفلساً تماماً ، تراقبها عن كثب..
– و لا تمتلك ضدّها أيّة بضاعة مقابلة، ذاتْ قيمة ( عدا الوهم الاخلاقي التليد، والمخيال التاريخي المجيد ..
– أو ليس لديكَ نَحوها ، أيّ عملٍ جادٍ ، في بناء واقع علمي منهجي جديد، وتعليمي مُنافس..
– و لا تقوم بأيّة جهود معرفية علمية أو ثقافية جدّية حقيقية، في طرح الأفضل، والتسويق له بلغة العصر .
عندئدٍ ياعزيزي .. لا غرابة أنْ تنتصر هذه التفاهة الرائدة، وتفرض حضورها عليك، وعلى مستقبلك برمته..
وذلك لأسباب عديدة يصعبُ حصرها :
أولا : بحكم مجرى الواقع،
ثانياً : بحكم أحقيتها في تمثيله، لكونها الفاعل الوحيد فيه.
ثالثاً : وهو الاهم ، بحكم أنه – اي الواقع – لايقبل الخواء بتاتاً..
وبذا تكون التفاهة هي المثال والآمال ، التي تتمدّد – شيئاً فشيئاً – مُستغلةً الفراغ الفكري والفني والاجتماعي السائد. بكل براعة ..
لتسود وتزدهر وتتعمق وتنتشر … أكثر فأكثر ..
ولكن الأنكى من هذا كله ، أن تصحو – أنت كرقيب – يوماً لتكتشف ، ببلاهة المُستقيظ على رعب، أنها سادت بالفعل مَناحي حياتك تماماً،
وأنّها أضحتْ تقود حاضر ثقافتك الميتة ، بدبكة وصياح أتباعها المُتكاثرين المخلصين .
حينئذٍ ، يتسع الخرق على وعي الراتق ,
ويفوتُ الأوان في إصلاح ما أفسده الزمان ..
لتدرك بكلّ ألمٍ وحسْرةٍ ,,
أنكَ كنتَ -مع كلّ ما تحمله ، منْ صوابٍ وقسرٍ و قيمٍ جامدة – على خطأ في منعها ، بل وربما في سذاجة مبكية مضحكة للجميع ..قد تصبح أنتَ موضوعَ موسيقاها المُقبلة،
أو يَصير كلّ ما تتغنى به، من كنوزٍ و أمجاد ، وآباد وأوراد وانتصارات وأعياد ..
مُجرّد إشارات هزلية مُضحكة، للطور الحتمي ، القادم من أنغام التفاهة الجديدة..
وأغلبُ الظّن :
لنْ يبقى أمامكَ حينها ، سوى الهَرولة الى أقربِ مسرَحٍ لها، لترقصَ أمامَها دونَ وعيٍ، ربّما تبقيانِ حتى الموت معاً..
أو لكَ أنْ تطأطئ بسرعة، رأس فضيلتك القشّة، وسلطتك الهشّة ..
و ” تبوس الواواااا
كي تستغفرها .. عاجلاً غير آجلْ .
Discussion about this post