سأخرج لأتسكّع قليلا هذه اللّيلة، مللتُ صمت الغرفة، ووحشة الصّقيع، والمكوث بين جدران الوقت، ثمّ، النّومَ ودّع أحداقي، لذا سأمشي وأحمل معي ظلّي، ليرافقني في ظلمة الطّريق، ويحميني من عيون اللّيل الحالكة، ظلّي لا يُرى في السّواد، لكنْه يَرى.
في هذه الليلة الدّامسة، وفي هذه الآونة، وجدتُ ضالّتي في التّسكّع الذي ما انفكّ يُناديني ويحثّني لأنعتق من قيود الخوف والتّردد، سأخرج إذنْ، سأوشوش للصّراصير كيْ تخفّضَ من أصواتها قليلا حتى لا تزعجَ صغار العصافير النّائمة تحت أجنحة الحلمِ، وأهمسُ للقطط المتسلّلة في الأزقّة بين الشّرايين أن تخفت من حدّة بريق أعينها حتى لا يفزعَ منها البرقُ فيتخلّى عن لمعانه، وسأمشي، أمشي، أمشي، التّسكّع فعلا يُغريني، وبرغم شعوري بالغربة، أنا سعيدة، فالجرذان تصاب بالهلع حين تشاهد اللّيل يُغازلني، وتصاب بالغيرة حين ترى النّجوم تتهافتُ نحوي وتُقبل لترشدني،..
الطّريق مقفرة أمّا قلبي فعامر بالعشق وآمن ومأمون. فكيف أخشى الظّلام؟ وثلج ديسمبر يكسو الأرض والأشجار، فيغدو الفضاء من أمامي أبيض، أبيض، تحيطه هالة من النّور، و تملؤه أسراب الحمام حاملة أغصان الزيتون وعطر الجذور.
المشهد مثير، أنواء ترفعني إلى سدرة الأنس حيث يستقبلني ديسمبر بدفئه الوثير.
عجبا، من أين يأتيني هذا الشعور؟
من بهجة الرّوح أم من سطوة الغرور ؟
سونياعبداللطيف
تونس 14/ 12/ 2024
Discussion about this post