سلسلة تسرد
التراث الشعبي في رمضان
بقلم/ د. دعاء محمود
صلاة التراويح
من المظاهرِ الروحيةِ الرائعةِ في رمضان ” صلاة التراويح ”
حيث يجتمع المسلمون في المساجد لتأديةِ صلاة التراويح عقب صلاة العشاء في مظهرٍ إيماني بديع تقشعرُ له الأبدان، فهي تزيل همَ اليوم، ونصب الصيام؛ يأخذُ الرجال، والنساء فيها أطفالهم إلى المساجد؛ تقربًا إلى الله وتحقيقًا لسنة نبيه الكريم.
ولكن ما الأصل التَّاريخي لصلاة التراويح؟!
يلخِّصُ لنا العلامة ابن المِـبْرد الحنبلي (ت 909هـ/1503م) -في كتابهِ “محض الصواب” أصلَ نشأة صلاة التراويح في الإسلام بقوله: “لا يتوهَّمْ متوهِّمٌ أن التراويح من وضع عمر بن الخطاب (ت 23هـ/645م) -رضي الله عنه- ولا أنه أول من وضعها، بل كانت موضوعة من زمن النبي ﷺ.
ولكن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- أول من جمع الناس على قارئٍ واحدٍ فيها، فإنهم كانوا يصلون لأنفسهم فجمعهم على قارئ واحد…، وسُمِّيت التراويح [بهذا الاسم] لأنهم يستريحون فيها بعد كلّ أربع”.
وقبل ابن المِـبْرد بستةِ قرونٍ؛ حدد لنا الإمام الطبري (ت 310هـ/922م) تاريخ صدور أمْر عمر بجمع الناس لصلاة التراويح فقال -في تاريخه- إنه كان في سنة 14هـ/636م “وكتب بذلك إلى البلدان وأمرهم به”.
وقد خصص عمر قارئًا للصلاة بالرجال وآخر للنساء؛ لكن يبدو أن أمهات المؤمنين لم يكنّ –نظرًا لمكانتهن الخاصة- يشهدن تراويح النساء العامة، كما يُفهم ذلك من الأثر القائل إن “ذَكْوان مولى عائشة [السيدة أم المؤمنين] (ت 58هـ/679م) -رضي الله عنها- كان يؤمُّها في… صلاة التراويح [وهو يقرأ] في المصحف”؛ كما في رواية الإمام أبي القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السُّنة (ت 535هـ/1140م) في “سِيَر السلف الصالحين”.
وحفظت لنا كتب الفقه والتاريخ والتراجم أسماء القُرّاء الذين كلفهم عمر -في أوقات مختلفة- القيام بهذه المهمة؛ فذكرت من قُرّاء الرجال: أبيّ بن كعب الأنصاري (ت 22هـ/644م) الذي “كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث، وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات”؛ كما ذكر معاذ بن الحارث الأنصاري (ت 63هـ/684م).
وأما قُرَّاء النساء فهم: تميم بن أوس الدَّاري (ت 40هـ/661م) الذي ورد أيضا أنه صلاها بالرِّجال، وكذلك سليمان ابن أبي حَثْمَة القرشي (ت بعد 43هـ/664م)، وعمرو بن حُرَيث المخزومي (ت 85هـ/705م )
وقد استمرت صلاة التراويح إلى يومنا هذا في مظهر إيماني، وشعيرة مقدسة، واحتفال شعبي بالشهر الجليل.
جعلنا الله ممن يواظبون عليها، وبلغنا اللهم رمضان في خير حال.
الكاتبة الصحفية/ د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
Discussion about this post