المكانُ الحائرُ
ما أكبرَ الكونَ حين أراكم. يتبعكم الصّدى الّذي تابَ عن الصّوت. فلا إثمَ يرتكبه لو راح ينادي: “تعالوا، تعالوا إليّ”! لماذا؟ لماذا أردتموني أن أغادر المستحيل الّذي يبتسمُ لي في أحلامي؟ لعلّ الحلم يتسلّل من داخل النّعاس إلى خارج حالة المنام. ماذا قد بقي من الفجر الّذي قد غاب، ليبتسمَ للظّلامِ في غيابه. ماذا قد بقي من الأمس الّذي أحبّ العذاب وما عاد يوجعه الألمُ. ما عدت أرى في مكاني من كانوا في ظهورهم يختبئون. عنّي أنا يرحلون ومن ثمّ يعودون… يقتربون، فيبتعدُ المشهد الّذي ما كان هنا لولاي أنا.
ما عدتُ أرى، ما عدت أرى حين أغمض الجفنين ويداهمني الطّيف وصاحبه. فمن عساه يقترب منّي أنا، في حضرة المكان والزّمان. فهل مكاني هو إنسانٌ وزماني هو الإحساس الّذي تخلّى عمّن شعر به. فأصبح مشرّداً بلا قلبٍ ينبض أو شعورٍ يرقص داخل الوريدِ. ما عدت أنتظرُ، الغد أنتظر كي أرى من لا أعرفهم. كأنّ الزّمن هاجر الوقت وأصبح حرّاً من الأرقام. ما عدتُ أبتسمُ لذنوبي، ما عدت أبكي من أجل فرحي. لأرى الدّموعَ ترسمُ لي شكل إنسانٍ يضحكُ لعزلتي.
نهايةٌ تتأرجحُ بين أحضان البداية وتصبح موسيقىً تُعزفُ للقلوب الهائمةِ. نعشق الرّحيل الّذي عادَ حائراً، عاشقاً! مٌستَرسلاً في حبّه للقائي. فما ذنب اللّيل لو كان ظلامه يسكرُ العيون السّاهرةَ وسط نومِ الجفن. ما ذنبُ اللّغة الّتي غادرها الحرف والتجأ إلى أبجديّةٍ لم تُكتَب بعد. فتثمل السّطور ويفوح عطر الخمر فيها! لنمسكَ بالكأسِ ونراه فارغاً، لا شيئ فيه قد ملأه النّسيان. في روحنا إيقاعُ أقدامٍ تدخل إلى القلبِ وتسكنه! فتعشقه وتحبّه. فما هو ذنبُ السّهر لو كانَ هو من يُلامُ على بزوغ الفجر عند ساعة الصّباحِ.
إلسي خليل
Discussion about this post