في اعتقادي أنّ الهزيمة الحضاريّة أقسى بكثير من هزائم الحروب. لأنّه عندما تنتهي الحرب، يعاين العاقل الأضرار ويحاول ترميم نفسه والوقوف من جديد. هي كالتّجارب الشّخصية المؤلمة، ينهض بعدها الإنسان الطّموح قويّاً خبيرا.
هزيمتنا الحضاريّة أنّنا منفيين بإرادتنا في زنزانة التّاريخ ومحاصرين بجدران أحداثه، نشاهد العالم ينمو ويتغيّر دون أيِّ رغبة في الخروج والمشاركة. كلّ همّنا التّبرير، والتّمسك أنّنا على صواب، وكلّ ما نفعله تبييض تاريخنا وثقافتنا واستخراج نسخة منقّحة للإستخدام الخارجي فقط، أمّا نسختنا الأصليّة فلن نقترب منها.
أن تكون مستهلكًا غير منتج حتّى لطعامك، مكشوفًا ضعيفًا بلا مخالب، كلّ نشاطك الاقتصادى هو عملية تبادل سلعي، كما كان يفعله الإنسان القديم، تعطيهم النّفط فيعطونك ما تحتاج له مؤسّساتك التّعليميّة خارج نطاق التّوصيف، أن يكون خطاب التّخلف وثقافة الانحطاط وانعدام الذّوق وتعظيم قيم العشيرة، ومحاربة مظاهر التّمدن والرّقي واستبدالها بلغّة البذاءة، هي السّائدة، فأنت مهزوم وستبقى كذلك الى أن تنتبه وتجرّب طُرُقًا أخرى مختلفة.
نجح الآخرون عندما تبنّوا العقل البرهانيّ الشّكاك النّقديّ، وفشلنا لكوننا نفكر بعقل عرفاني لا يصلح إلّا للحالمين، وهذا العالم واقعيّ جدّاً، يسير وفق قوانين طبيعيّة لا حياد عنها، ولكي ننجح علينا أن نفكّر بعقليّة مكتشف فقط.
Discussion about this post