بقلم د بوخالفة كريم -الجزائر
أتساءل لماذا يبحث أمراء الخليج عن البؤر الإعلامية الّتي تزدحم عندها مشاعر النّاس ويقدّمون أنفسهم كرمز للكرم والإحسان؟
الظّاهرة الخليجية ظاهرة فريدة، يمكن فهمها فقط من خلال فهم جذورها البدويّة العميقة.
أمراء الخليج وبعد ثورة النّفط وجدوا أنفسهم وسط ثروات لا حصر لها، مع عالم متخم بوسائل الرّفاهية لمن يدفع، انغمسوا في هذا العالم كأي محروم، ولكنهم كبدو من الصعب أن يتخلّوا عن ثقافتهم الّتي تتحكّم بها ثلاث مشاعر متأصّلة: الرّغبة في التَمَيُّز وطلب الرّفعة والجاه، ووجدوا في الكرم طريقاً لها. هو لا يقدّم الإحسان كتعاطف إنساني، بل لتعزيز مشاعر التّميّز لديه، لذلك تجده استعراضي يقدّم نفسه كمنقذ في اللحظة المناسبة، وبنفس الوقت يقدّم رسالة مليئة بالإهانة والتّقزيم للطرف الآخر العاجز عن تقديم المساعدة لمواطنيه، مثلما حصل عندما تبرعوا للفريق العراقي الفائز بكأس آسيا عام ٢٠٠٧، وتبرّعهم للطفلة المريضة وغيرها.
الأمير الخليجي كسلفه البدوي ابن القرن الأوّل الهجري عندما وجد نفسه في وسط حضارات عظيمة غنية بالمعرفة والتّمدن في الشام والعراق ومصر، امتلأ حقداً، ووجد أنّ أفضل وسيلة لتحطيم كبريائها ومحو تاريخها هو أن يقدّم ثقافته كبديل لثقافتها، ولاستحالة ذلك ولكون الثّقافة المتحضّرة تطرد الثّقافة المتخلفة، قام بالقفزة الكبرى ودمج تقاليده وأعرافه بتشريعات الدّين الجديد وبهذا لم تعد تلك القيم وليدة بيئة شحيحة متخلفة، بل أصبحت فقهاً مقدساً مُلزِماً للأمم الّتي غزوها.
الأمير الآن لا يملك هذه الفرصة بعد أن أنجزها أسلافه، لكنه يحلم بتفتيت ما تبقّى من هذه الحواضر، فدعم الإرهاب في العراق وسوريا بكلّ ما يستطيع.
اخيراً، تشدّنا توجيهات الأمير والأوامر الارتجاليّة الّتي يصرّح بها وحده، وهذه صورة عن ثقافة القبيلة الّتي تستبدل فيها السّياسة بالرّعاية الأبويّة، فالشيخ هو الكلّ والحكمة والرّمز خصوصاً مع توفّر ثروه هائلة تخفي العيوب وتحوّل الأمنيات الى واقع.
Discussion about this post