-
الفَقْر
عمر محمد السميرات
وحده الفقير من يفهم جميع الطبقات الاجتماعية، ويستطيع التكيف معها ووضع الحدود والخطوط الحمراء مع كل فئة.
فـ هو عاش حياة الفقراء والتمس معاناتهم وتذوق جرعات آلامهم، وقد رافق من هم بنفس طبقته الدُنيا مجتمعيا ويعرف معنى كلمة “فقير”.
والفقير خالط من هم بالطبقة الأعلى منه قليلا، المتوسطة، ما بين الفقر والغنى، ويميل أفرادها للفقر أحيانا لكثرة المصاريف والحاجات الأساسية التي يريد تلبيتها. ولكنه لا يحمل نفس معاناة من كان قرشه اقل من حاجياته، من هم لا يستطيعون إشباع رغباتهم لصعوبة الحياة وقسوتها.
والفقير يعرف هذه الطبقة جيدا لأنه يكون قد خالطهم بالعمل، أو الدراسة او المسكن وما إلى ذلك.
وأخيرًا، فهو يفهم ويعرف حق المعرفة أصحاب الطبقات العليا، وأهل المال والكِبر والغرور، عبدة القرش.
هذا النوع من البشر لا استطيع وصف رذالتهم و وقاحتهم، ف هو يفضل وصرف فلوسه على ملذاته التي هو لا يريدها بداخله على أن يعطيك قرشًا واحدًا. بل يستطيع و أن يرمي بثروته في النار على أن يساعد محتاجا، فقيرًا، متسولاً.
كيف عرفت ذلك؟ هذا ما يراودك، اجابتي ستكون:
إن الفقراء ذوو الطبقة الكادحة، يعملون غالبًا عند أولئك الأغنياء، ويعرفون طِباعهم السيئة والدنيئة، مما يلقونه من معاملتهم المُشبعة بالاحتقار والكراهية لمجرد أنهم فقراء.
إن الأولياء والصالحين والمباركين كانوا يتعوذون ويشكون من الفقر، فمن ذا الذي لا يكرهه، ولا يطيقه !
ومن قال أن الفقر ليس عيبًا؟ بل هو كل العيب..نعم يا سيدي..بل هو العيب ذاته !
وأكاد أجزم أن الفقر هو السبب الرئيسي لانحدار أغلب المجتمعات من جميع النواحي، من حدوث سرقات أو جرائم، وتدني مستوى التعليم والتعلم لدى الناس و غيرها من الأسباب التي نراها حاليا.
إن الفقر يا صديقي هو من يدفع الإنسان لارتكاب الآثام، والغوص في المعاصي، والإبحار في الرذيلة، الفقرُ مضجع، يبث الاضطراب في أنفسنا، يجعلك تنظر لنفسك في المرآة نظرة قُبح، وكراهية، لأنه ليس بمقدورك كسب قرشٍ واحد زائد فوق مصاريفك الشهرية، ولا تستطيع سد حاجياتك الأساسية على أتم وجه كي تفكر بإشباع رغباتك ورغبات عائلتك.
الفقر يدفعنا لارتكاب الخطيئة، يزجّ بنا لدائرة العصيان والتنمرُد.
القِلة كفيلة بأن تجعلك تمشي منكسًا رأسك بين البشر، وإن تظاهرت بعكس ذلك، فستشعر باليأس حتمًا لما أنت عليه في الحقيقة المرّة.
حقًا..إن الفقر لا يطاق !
Discussion about this post